قطع حسين مجا، مسافة قرابة 500 كيلومتر، من مدينة حلايب جنوب محافظة البحر الأحمر إلى أسوان، برفقة أعضاء فرقته التي تضم 19 عارضًا، للانضمام إلى 25 فرقة مصرية وأجنبية تشارك في الدورة الـ12 من مهرجان أسوان للثقافة والفنون، المقامة حاليًا على مسرح فوزي فوزي برعاية هيئة قصور الثقافة.
قبل العرض، كان "مجا" أحد أعضاء فرقة حلايب، مستعدًا بشكل كامل، حيث ظهر عليه التحضير الجيد دون توتر، وهو يحمل درع قتالي يعبر عن ثقافته القبلية، ويلتقط الصور مع الفرق الأخرى قبل العرض.
انضم "مجا" إلى فرقة حلايب للفنون التلقائية منذ تأسيسها في العام 2019، بسبب حبه وإدراكه لقيمة الفن الشعبي في مدينة أسوان وتوارثه عبر الأجيال، بحسب حديثه لـ"عين الأسواني".
تحضيرات قبل العرض
قبل العرض، كانت فرقة حلايب مشغولة بالاندماج والتفاعل مع فرق أخرى من العارضين القادمين من مدن ودول مختلفة، إذ شاركت في العديد من المهرجانات على مدار السنوات الماضية، مثل مهرجان الإسماعيلية، يقول مجا: "لكن فضلنا المشاركة حاليًا في مهرجان أسوان بسبب التطور الذي شهدته المدينة في قصور الثقافة، مما شجعنا على المشاركة والاندماج".
لم تستغرق الفرقة وقتًا طويلًا لتكون جاهزة للمشاركة في مهرجان أسوان، إذ إنهم دائمًا ما يشاركون في مهرجانات أخرى بشكل مستمر.
المشاركة في المهرجان
يوضح علاء عبدالرافع، مسؤول الفرقة ورئيس قصر ثقافة حلايب، أن ثقافة أهل مدينة حلايب كانت منغلقة في الماضي، حيث كانوا يعيشون في خيام، لكن الأمور بدأت تتغير مؤخرًا بفضل التطورات التي شهدتها المدينة بعد إنشاء قصور ثقافة.
يقول لـ"عين الأسواني": "هذا التطور منحنا الفرصة للخروج والتفاعل مع العالم الخارجي، لذلك تطورت الفرقة بشكل ملحوظ، وأصبحت هي الفرقة المعتمدة في مثلث الجنوب الآن، لا سيما مع تراجع مشاركة فرقة شلاتين للفنون التلقائية".
يتحدث عن تأسيس الفرقة: "بدأنا مرحلة التأسيس في عام 2019، ثم انتقلنا إلى مرحلة العناية بها وتطوير الرقصات حتى اعتمدنا الفرقة منذ أربع سنوات". هنا قرر عبدالرافع الانتقال من مسقط رأسه في محافظة قنا للعمل في مدينة حلايب ليكون جزءًا من هذه التجربة الثقافية المميزة.
عروض فرقة حلايب
"يا بحر رايح رايح".. على تلك النغمات قدمت فرقة حلايب للفنون التلقائية عرضًا فنيًا في حفل افتتاح مهرجان أسوان للفنون والثقافة، منها رقصة "الهوسيت" بقيادة الفنان طاهر علي، وهي رقصة الاستعراض والقوة عند أهالي حلايب وشلاتين باستخدام السيوف والدروع.
يقول طاهر لـ"عين الأسواني": "تتطلب رقصة الهوسيت استخدام السيف والدرع، وهما من الأدوات التي تعبر عن الفروسية وتعتمد على الحركات الإيقاعية، وتعبر عن التراث في حلايب والخلفية القبلية لها، والحركات بها مقتبسة من الماضي".
تستخدم الرقصة للحفاظ على النَفًس والتدريب على القتال، وهي إحدى الرقصات التي تحكي تاريخ أجداد أهل حلايب وقصصهم مع الغزاة قديمًا وفق طاهر: "ورثت أيضًا تلك الرقصة عن أجدادي وتطورت مع الزمن وأصبحت استعراضية بشكل كبير".
ويوضح طاهر، أنه على مدار الأيام التالية منذ بداية المهرجان، قدمت فرقة حلايب عروضًا متنوعة مثل عرض السيرة والبيبوب، وهما نوعان من الرقصات المستوحاة من الطبيعة الخضراء والجبلية، بالإضافة إلى المياه التي تشتهر بها منطقة حلايب.
التفاعل مع فرقة حلايب في مهرجان كان قويًا ولافتًا للنظر، بسبب تفهم القادمين من الجنوب لتلك العروض، يقول: "الجمهور كان متفاعلًا ومتفهم لما نقدمه، إذ ظهرت الفرقة بزي الجلباب الأبيض واستخدمنا الكرباج والدروع والسيوف، لأن المحافظات الحدودية تتشابه في العديد من العادات والثقافات التي تجمع بينها".
يتمنى طاهر أن يشارك في مهرجانات أخرى لنشر ثقافة بلاده، ويأمل أن تولي الدولة اهتمامًا أكبر بدعم قصر ثقافة حلايب، من خلال توفير الملابس والآلات والأدوات اللازمة للمشاركة، إذ أن كل الأدوات المستخدمة تعتمد بشكل كبير على الجهود الذاتية ومن داخل بيوت أعضاء الفرقة.
ترقص فرقة حلايب على مسرح فوزي فوزي على إيقاع قرع الطبول وأصوات السيوف، حيث تنسجم أصوات الدروع مع الحركات المفعمة بالحيوية، وتتناغم الرقصات مع الموسيقى التقليدية، مما خلق جوًا مميزًا من الفلكلور الشعبي.