بعد مشاركته في "سمبوزيوم" أسوان.. محمود الشنقرابي: "فنان أساطير الجنوب"

تصوير: صور من المصدر - الفنان التشكيلي محمود الشنقرابي

كتب/ت أمنية حسن
2025-02-27 16:00:07

يستلهم أعماله التشكيلية من روح الجنوب المصري، حيث تمتزج الألوان الدافئة بالتعبيرات العميقة لتروي حكايات مستمدة من التراث والواقع الإنساني، فكانت لوحته في "سمبوزيوم" الرسم الأول بمحافظة أسوان، تأسر العيون من الوهلة الأولى.

الفنان التشكيلي محمود الشنقرابي استطاع أن ينهل من البيئة النوبية والمصرية القديمة التي نشأ فيها ليعيد صياغتها بأسلوب معاصر يمزج بين الرمزية والتعبيرية، ويخلق بذلك لغة بصرية فريدة تعبّر عن الهوية والانتماء.

أسدل الستار على فعاليات الدورة الأولى من سمبوزيوم أسوان الدولي للرسم، الذي أقيم في جزيرة هيسا خلال فبراير الجاري، حيث عُرض ما يقرب من 60 لوحة تجسد إبداع أكثر من 26 فنانًا من مختلف أنحاء العالم، كان من بينهم الشنقرابي.

تفاصيل المشاركة

يحكي الشنقرابي لـ"عين الأسواني" تجربته في سمبوزيوم أسوان وهي إحدى أبرز الفعاليات الثقافية التي تحتفي بأسوان كواجهة عالمية للإبداع، إذ قدم لوحة فنية مميزة شاركت في المعرض الذي فتح أبوابه أمام الزوار لمشاهدة جمال الفن التشكيلي.

وُلد الشنقرابي في حي الشنقراب بمدينة أسوان عام 1954، وحصل على بكالوريوس الدراسات التعاونية والإدارية، إلا أن موهبته طغت على دراسته، لذا انغمس في رسم اللوحات التشكيلية المُعبرة، وحب التراث الأسواني وقدم كتابين في هذا المجال وأكثر من 45 ديوانًا نثريًا. 

في لوحته التي شارك بها في "سمبوزيوم" أسوان تتجلى ملامح الوجوه المرسومة بشكل تجريدي، حيث العيون الواسعة والنظرات العميقة، مستخدمًا الألوان النارية، مثل الأحمر والبرتقالي، التي تتفاعل مع الظلال الداكنة لتضفي إحساسًا بالانفعالات الداخلية.

لوحة فنية

يوضح أنها تنتمي إلى المدرسة التعبيرية، حيث تجسّد وجوهًا شرق أوسطية مستوحاة من بيئة جنوب مصر، وتعكس عمق البيئة والتراث الشعبي، كما تميزت بألوانها الدافئة وخطوطها الواضحة التي تبرز الملامح بقوة.

يقول: "كنت من أول المشاركين في سمبوزيوم أسوان الدولي للرسم، وتلقيت مكالمة هاتفية من مسؤولي المعرض ووقتها بدأت أجهز أدواتي كي أشارك بين مجموعة من الفنانين الذين يتميزون بالأسلوب المتنوع، وكانت التجربة ناجحة للغاية رغم أنها المشاركة الأولى لي في السمبوزيوم".

كما أشاد الشنقرابي بجهود الكوميسير الفنان رجب كندة، التي ساهمت في نجاح الفعالية، معربًا عن أمله في أن يكون تنظيم الدورة المقبلة أكثر تطورًا وجمالًا، مستفيدين من الخبرات المكتسبة هذا العام.

ذكريات الطفولة

خلال مسيرته الفنية، قدّم الشنقرابي كتابًا مصورًا بعنوان "مدونات الشنقرابي"، يوثّق فيه التراث الشعبي لمدينة أسوان، ويتضمّن حكايات شعبية وعادات ومفردات لغوية مهددة بالاندثار، مما جعله محاولة للحفاظ على هذا الإرث الثقافي، وهو نهج اتسم به أسلوبه، إذ أقام 14 معرضًا خاصًا وشارك في أكثر من 170 معرضًا مشتركًا. 

يستعيد الشنقرابي ذكريات طفولته كأحد أبناء جيل الخمسينيات، ويصف أسوان بأنها مدينة عظيمة بتراثها الغني، حيث تشبّع بحكايات الجدات في الأحياء الشعبية والقرى، وكان للأساطير الشعبية وعزف الربابة في الحارات أثر كبير عليه، حيث استمع إلى مربعات وأشعار أبو زيد الهلالي، والزير سالم، وحكايات الزناتي خليفة وغيرها من البطولات الأسطورية.

انعكست هذه التجارب على أسلوبه الفني، إذ شكّلت مخزونًا بصريًا ظهر بوضوح في لوحاته، لذا يصف الشنقرابي نفسه بأنه "رسام الحكايات والأساطير": "غياب مظاهر الحداثة في الخمسينيات ساهم في انتشار الخرافات والأساطير، حيث كانت الإنارة تعتمد على لمبات الجاز، والمياه تُجمع من النيل مباشرة في جرار فخارية، مما أدى إلى انتشار قصص عن كائنات غامضة تسحب النساء إلى الأعماق".

وقف الشنقرابي خلال الـ"سمبوزيوم" بجوار لوحته يشرح للزوار مقصده والتعبيرات التي استخدمها في عمله الفني، موضحًا رمزية الألوان والخطوط التي اختارها بعناية لتعكس روح الجنوب المصري.

 

محمود الشنقرابي