سارة الهادي: القصص أفضل أساليب تربية الأطفال 

صورة من المصدر_ سارة الهادي ومجموعة من الأطفال بعد نهاية جلسة الحكي

كتب/ت يارا سليمان
2025-03-18 11:21:39

كعادة ليالي شهر رمضان يتجاذب أهالي شارع الشيخ صالح بأسوان أطراف الحديث، بعد الانتهاء من صلاة التراويح، فيما يقطع همهماتهم صوت شابة قادم من بعيد تحكي قصص الأنبياء، لمجموعة من الأطفال، تخطف عقولهم بطريقتها الجذابة والمشوقة.

تلك الشابة هي سارة الهادي، مسؤولة المركز الثقافي والتعليمي بمؤسسة "سواعد" الخيرية بأسوان، التي اعتادت لسنوات على تقديم حكايات للأطفال، بهدف غرس القيم والأخلاق الحميدة في نفوسهم.. وتحاورها "عين الأسواني"، عبر السطور التالية.. 

في  البداية.. ما الذي دفعكِ لدراسة التربية رغم أن بدايتك الأكاديمية لم تكن فيها؟

كنت أنوي دراسة التربية، لكنني لم أرغب في أن يُناديني الأطفال بلقب "ميس"، لذا التحقت بكلية العلوم، ولم أجد نفسي هناك، فانتقلت إلى كلية الحقوق في بني سويف، لكنني كنت دائمًا شغوفة بالتربية، وهو ما قادني لاحقًا لدراسة دبلوم في التربية العامة، ثم دبلوم في تربية الطفولة، وبعدها قررت البحث في هذا المجال خارج الإطار الأكاديمي.

وكيف طورتِ نفسك في هذا المجال؟

ساعدتني ابنة خالتي جويرية شحاتة، التي تعمل استشاري أسري وتربوي، وتمتلك أكاديمية "بصيرة الدولية" في السعودية، في الالتحاق بدورة تدريبية معتمدة من جامعة هارفارد الأمريكية في المجال التربوي، وحصلت على بطاقة مستشار تربوي، ومنذ ذلك الحين، لم أتوقف عن تطوير نفسي، واستمررتْ في حضور دورات تدريبية، سواء كانت معتمدة أو غير معتمدة.

متى بدأتِ تقديم الورش؟

في عام 2018، كنت أعمل في حضانة يدرس بها أطفالي، وهناك أدركت رغبتي في تقديم ورش تربوية للأطفال، بدأت بورشة كيفية تربية الأطفال بالحب، وكانت موجهة للأمهات، ثم ورشة عن التربية الجنسية للأطفال، ثم ورش للمراهقات بعدما دخلت ابنتي هذه المرحلة، والآن أكمل دراستي للحصول على درجة الماجستير.

ما الهدف من تقديم الورش التربوية من خلال القصص الإسلامية؟

 أهدف إلى تعديل سلوك الأطفال، وتعليمهم القيم  والأخلاق بطريقة غير مباشرة من خلال قصص الأنبياء، وزرع القدوات الصالحة في حياتهم، وإسقاط المواقف على واقعهم وتطبيقها عمليًا.

كم تبلغ تكلفة الورش؟

تكلفة ورش الأطفال 100 جنيه، أما الورش التي أقدمها في قصر ثقافة العقاد فهي 50 جنيهًا شهريًا. كما أنني أقدم ورشًا أونلاين خارج مصر، وتكون بالعملة الأجنبية.

لماذا اخترتِ التركيز على القصص الدينية تحديدًا؟

لأن لكل ورشة هدفًا مختلفًا، فمثلًا ورشة تهيئة البلوغ قمت بها من أجل ابنتي، لأن الفتيات المراهقات يشعرن بمشاعر طبيعية، لكن لا أحد يشرح لهن ذلك بطريقة صحيحة، البعض يرى ضرورة كبت المشاعر تمامًا، بينما البعض الآخر يشجع على إخراجها بلا ضوابط، وكلا الرأيين خاطئان. لذلك، من المهم توعية الفتيات بما يمررنْ به من تغيرات، خاصة في ظل تعرض بعض الأطفال للتحرش.

وفي هذه الورشة، أوضح للأطفال الفرق بين اللمسة الجيدة واللمسة السيئة، وكيفية التصرف إذا تعرضوا لموقف غير مريح، أما بالنسبة للقصص، فقد سمعت في إحدى الدورات التربوية أن الله ربّى الرسول وأصحابه بالقرآن، ويُعدّ ثلث القرآن تقريبًا عبارة عن قصص الأنبياء، مما يثبت أن القصص استراتيجية قوية جدًا في التربية. 

أين تقدمين ورشك؟

ليس لدي مكان محدد، فأنا أقدم الورش في الحضانات، المدارس، مكتبة العقاد، مكتبة مصر العامة، والمؤسسات المختلفة، سواء في أسوان أو في محافظة المنيا، عندما أذهب في إجازة.

كيف أثرت عليكِ الورش على المستوى الشخصي؟

تعلمتُ الكثير، واستفدت أنا وأولادي بشكل كبير من المعلومات والتقنيات التربوية التي أقدمها في الورش. 

ما الفئات العمرية التي تستهدفينها في الورش؟

كل ورشة لها فئة عمرية محددة على سبيل المثال، ورشة الوقاية من التحرش موجهة للأطفال من 3 إلى 5 سنوات، ثم مجموعة أخرى من 6 إلى 10 سنوات، لأن طريقة الشرح تختلف لكل فئة.

 أما ورش التوعية والتأهيل فهي للفتيات من 10 إلى 15 عامًا، كما أن هناك ورشًا خاصة بأولياء الأمور، لكن ورش الحكي تكون مفتوحة لجميع الأعمار، لأن القصص مفيدة للجميع.

كم عدد الورش التي قدمتها حتى الآن؟

من الصعب تحديد العدد بدقة، لكن منذ عام 2018 حتى الآن قدمت العديد من الورش، سواء أونلاين أو أوفلاين.

لماذا تعتقدين أن هذه الورش مهمة في الوقت الحالي؟

نحن نعيش في زمن يحتاج فيه الأطفال إلى ورش توعوية، لأن "أطفال الموبايل" لديهم تشتت غير طبيعي وفرط حركة، مما يجعل من الصعب جذب انتباههم، أغلب وقتهم يكون إما في الشارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، لذا من الضروري توفير محتوى تربوي جذاب لهم.

لماذا لا تقدمين ورشًا للفتيات المراهقات؟

حاولت، لكنني لم أتمكن من التعامل معهم بسهولة، الفتيات في هذا العمر نشأت في بيئات معينة، وتشكلت شخصياتهن بالفعل، لذا فإن تغيير سلوكهن يتطلب معالجًا نفسيًا أكثر من كونه تربويًا، لأن التربية تبدأ من الصغر.

هل واجهتِ انتقادات من أولياء الأمور حول أسلوبكِ في الشرح؟

نعم، بعض أولياء الأمور يعترضون أحيانًا على طريقة الشرح أو كيفية توصيل المعلومة، لكنني أحاول دائمًا تصحيح وجهات النظر، خاصة أن الخلفيات الثقافية والمجتمعية تختلف من أسرة لأخرى.

 ما طموحكِ المستقبلي في هذا المجال؟

أطمح إلى توسيع نطاق ورشي والوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأطفال والأسر، لأنني أؤمن بأن التربية ليست مجرد نظريات، بل ممارسة عملية تبدأ منذ الطفولة، والقصص هي أقوى أداة يمكن استخدامها في هذا المجال.