في حواره لـ"عين الأسواني".. أبو خنيجر: "البيئة أثرت على روايتي في معرض الكتاب"

الكاتب أحمد أبو خنيجر

كتب/ت أمنية حسن
2025-02-05 12:13:27

عُرف بأنه أحد أوتاد أدب الجنوب، ينسج حكايات الصحراء بأسلوبه الفريد، تلتقي قصصه بين الواقع والأسطورة، وتتناغم فيها عناصر السحر والخيال مع تفاصيل حياة البادية. 

استطاع كاتب الجنوب أحمد أبو خنيجر الذي يشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025 بروايته "شق الجنوب"، أن يُسجل بلغة راقية وجميلة مشاهد حيّة من حياة الناس متأثرًا بالنيل والمشاهد الطبيعية في محافظة أسوان، مما جعل أدبه يحتفظ بجاذبيته ويُخلّد روح البلدة التي نشأ فيها.

حصل أحمد أبو خنيجر، الكاتب المصري من أسوان على جوائز عدة، أهمها جائزة الدولة التشجيعية عن روايته "نجع السلعوة" في العام 2003، وجائزة ساويرس للرواية للكّتاب الشباب العام 2006 عن روايته "العمة أخت الرجال".

يسرد أبو خنيجر في روايته "شق الريح" الصادرة عن دار غايا للنشر والتوزيع، تفاصيل الحياة على ضفاف النيل ومسيرة المراكب. أجرى "عين الأسواني" مع الكاتب حوارًا عن رحلة كتابته للرواية والتحديات التي خاضها متأثر بالبيئة المحلية.

في البداية، حدثنا عن المحطات التي مرت بها كتابة رواية شق الريح؟

استغرقت الرواية سنوات طويلة من الكتابة قبل أن تتوقف بسبب ظروف معينة لفترة، كتبت خلالها رواية "تلك النظرة"، ولكن سرعان ما عدت للعمل عليها، حيث استغرقت عامًا كاملًا بين المراجعة والتدقيق لإخراجها بالشكل الذي يليق بها، وفي النهاية، نشرت الرواية عبر مؤسسة غايا.

كيف بدأت فكرة الرواية؟

لا يستطيع الكاتب تحديد لحظة انطلاق فكرة الرواية بدقة، رواية "شق الريح" كانت محاطة بعدد من الهواجس والتساؤلات، لأنني مهتمًا بالتاريخ الاجتماعي الذي لا يُذكر كثيرًا، مثل التحولات التي طرأت على المراكب في نهر النيل بأسوان، ففي البداية، كانت المراكب هي الوسيلة الأساسية لنقل البشر والبضائع، لكن مع مرور الوقت وظهور وسائل نقل أخرى، بدأت هذه المهنة تتغير. 

هذا التغيير أثر بشكل كبير على علاقة الناس بالنيل، وأصبح استخدام المراكب مقتصرًا على السياحة فقط، وفي روايتي، اخترت أن أركز على مركب مرّ بتحولات كبيرة، من مركب مخصص للبضائع إلى فلوكة صغيرة، فدومًا كتابتي تأتي بتأثري بالمشاهد الموجودة في البيئة المحلية، لأن أسوان محافظة ملهمة وغنية.

كيف يستطيع كتاب الأقاليم الوصول إلى المشاركة في معرض الكتاب؟ 

بالنسبة لكتاب الأقاليم، يمكنهم الوصول إلى المشاركة في معرض الكتاب عبر دور النشر التي تتولى تنظيم المشاركة، حيث أن المعارض بشكل عام هي فرصة لعرض الكتب بشكل ثقافي واسع  بما يسمى بالظاهرة الثقافية، ولكن حتى إذا لم يتمكن الكاتب من المشاركة، فإن هذا لا يُعد مشكلة كبيرة؛ لأن الدورة الثقافية للكّتاب هي عملية طويلة، ومعارض الكتب تخص دور النشر وليس الكّتاب.

كيف ترى دور معرض الكتاب في دعم الكّتاب والمبدعين من الأقاليم؟

وجود الكّتاب في المعرض مهم لأنه يوفر فرصة للتعرف على الزملاء، ويتيح لهم التواصل مع الجمهور الذي يقرأ أعمالهم، كما أن المناقشات والحوارات التي قد تحدث في المعرض تساهم في زيادة مقروئية الكّتاب وتوسع دائرة الإقبال عليهم وتعريفهم أمام الجمهور.

ومع ذلك، عدم المشاركة في المعارض لا يعتبر أمرًا ضارًا للكّتاب، فبعض الكتب تُنشر وتحظى بإقبال خارج مواعيد المعارض، المهم في النهاية هو محتوى الكتاب وقيمته، فنحن نرى الإقبال على كتب قديمة أو كتب أجنبية.

بما أن الرواية تدور أحداثها في النيل كيف ترى تأثير البيئة المحلية في أسوان على كتاباتك؟ 

البيئة والمكان لهما تأثير كبير على الكتابة، فهناك علاقة تبادلية بينهما وبين الإنسان، الذي يتحرك داخل أماكن تحتوي على محددات ثقافية ومعرفية، وفي الوقت نفسه، له تأثيرات على تلك الأماكن. 

هذه التفاعلات بين الإنسان والمكان تنتج ما نسميه "ثقافة المكان"، والتي تظهر في عادات الناس وتقاليدهم وملابسهم، بالإضافة إلى العمارة وكل جوانب حياتهم اليومية. 

هل تلاحظ أن هناك عناصر معينة من هذه البيئة تتجسد في أعمالك؟

في حالة أسوان، فإن البيئة المحيطة، بما فيها نهر النيل والناس وطبيعة المكان، تؤثر بشكل كبير على رؤيتي وتفكيري، هذه التفاعلات تتجسد بوضوح في أعمالي، حيث نجد أن لكل مكان طابعه الخاص الذي يميزّه، وهذه التأثيرات تتسلل بشكل غير مباشر إلى الكتابات، مما يجعل العمل يحمل بصمة المكان، سواء في التفاصيل الصغيرة أو في الأفكار والمفاهيم التي تتناولها.

 

ما هي الرسالة أو الفكرة التي تحاول إيصالها للقارئ من خلال كتاباتك؟

الكتابة بشكل عام تحمل تأثيرات بعيدة المدى، فهي لا تقتصر على اللحظة الراهنة، بل تعبر عما نسميه "المعرفة الممتدة". 

من خلال كتاباتي، أسعى إلى تقديم أفكار قد يتفق معها البعض أو يختلف، وقد تكون جيدة أو غير ذلك، لكن الأهم أن هذه الأفكار تستند إلى معايير ثابتة قابلة للقياس، والهدف من ذلك هو أن يُفكر القارئ ويتفاعل مع تلك الأفكار، سواء كان موافقًا أو معارضًا لها، وأن تُسهم الكتابة في توسيع مدارك الفهم والتفكير لدى المتلقي.

هل هناك تحديات معينة تواجهها ككاتب من أسوان سواء على مستوى النشر أو التوزيع؟

الوضع الآن مختلف كثيرًا عما كان عليه في الماضي، لأنه في الماضي، كانت دور النشر محدودة وغالبًا ما كانت مركزة في القاهرة، وكان التواصل بين الكّتاب أمرًا صعبًا، أما اليوم، فالتحديات تبدو أقل بفضل التكنولوجيا، حيث يمكن للكاتب من منزله الاطلاع على الكتابات العالمية بسهولة والتواصل مع دور النشر في أي مكان، بل وإرسال أفكاره ومخطوطاته مباشرة.

المفترض أن الكاتب قادر على الكتابة في أي مكان، ولا يهم إذا كان من العاصمة أو من قرية صغيرة، فلا أحد يتساءل عن مكان الكاتب مثلما لم نتساءل أبدًا عن مكان شكسبير في لندن أو غيره، لكن بالطبع، يحتاج الكاتب إلى دفعة وتقدير، ويجب عليه العمل على تزويد جهده من خلال التدريب المستمر وزيادة وعيه.

من هو الكاتب الذي أثر فيك سواء من المصريين أو العرب؟

بالنسبة لي، لا أستطيع تحديد كاتب بعينه، لكنني استفدت كثيرًا من قراءتي للكتاب الجيدين والسيئين على حد سواء، وربما السيئين أولًا؛ لأن الكاتب بطبعه يقرأ أي شيء يقع تحت يده، ولكن من الصعب تحديد هذا التأثير بدقة، حيث يمكن للناقد أن يشير إلى تأثيرات معينة من كّتاب مختلفين. 

لكن في النهاية، الكتابة نفسها تتأثر بتوجهات وأسلوب الكاتب وقراءاته، وتظل هناك تيارات أدبية معينة أقرب إلى روح الكاتب وطريقة تعامله مع العوالم المختلفة. 

على سبيل المثال، في مصر كان هناك فترات كانت فيها بعض العوالم الأدبية، مثل اليابانية والغربية، قريبة منّا من حيث الثقافة وطريقة تناول المواضيع، لكن المسألة لا تتوقف عند كاتب معين، بل هي مزيج من تأثيرات متعددة.

ما هي أعمالك القادمة؟

أنا حاليًا في فترة التقاط الأنفاس، ولا توجد خطة واضحة لأي أعمال جديدة، قررت أن أخصص بعض الوقت للراحة والقراءة والتأمل، بعد هذه الفترة سأفكر في الخطوات التالية.