فور إعلان الممثل محمد رمضان طرح جزء ثاني من مسلسل "جعفر العمدة" في موسم رمضان 2024، انطلقت موجات السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بسبب تشابه "تيمة" الأعمال التي تجمع بين محمد سامي كمخرج ومؤلف ورمضان كبطل.
تتشابه القصص والحبكة الدرامية التي يكتبها محمد سامي في مسلسلاته، بطل يواجه مشكلة، يتآمر عليه الناس، ثم بنهاية المسلسل ينتصر الخير على الشر، فهل يمكننا استبدال تيمة "الخير والشر" التي تتواجد بكُتب تعليم السيناريو إلى تيمة محمد سامي؟
هذا العام تركت أحكامي الفنية المسبقة على "سامي ورمضان" وخُضت تجربة مشاهدة مسلسل "جعفر العمدة"، منذ أول مشهد أصابني السحر، جلست لمشاهدة الحلقة الأولى وفي نهاية اليوم وصلت إلى الحلقة الأخيرة وانتهت باقة الانترنت.
بعد أيام من المشاهدة أدركت أن سامي يستخدم التيمة الأقرب إلى قلوب المشاهدين وهي انتصار الخير، من منا لا يشعر بالسعادة حين ينتصر بطله والذي يمثل انتصار الخير على الشر؟ وكأن هناك حاجة داخلنا بالفعل لأن نرى ولو على سبيل الدراما انتصار الخير على الشر.. لدرجة أن كل شخص شاهد الحلقات كان يشعر أنه من انتصر وليس البطل.. كل منا أعاد مشاهدة مقاطع ضرب سيد وجعفر العمدة لأولاد فتح الله، فرح بانتصار ما يعتقد أنه الخير.
طرح الفيلسوف أرسطو في كتابه "فن الشعر" أول نظرية درامية يستخدمها المؤلفون في المسرح والسينما والدراما التليفزيونية، وهي تقوم على شعور المتفرج بالسمو والتطهر، حين يجد الخير قد انتصر على الشر بما يجعل روحه تتطهر من الشر والهموم.
حين يشاهد مُوظفًا يعاني في عمله مسلسلًا تنتهي حلقاته بانتصار البطل، فهو يشعر أنه من انتصر لا البطل، كأنه هزم أزمات عمله وانتصر على مديره.
تقريبًا التقط سامي هذه التيمة للعمل عليها في مسلسلاته، قصة درامية ممتعة ينتصر فيها الخير على الشر، حتى وإن كان هذا الأمر لا يحدث في الحقيقة، فالمشاهدين كل يوم يرون هزيمة الخير، فعلى الأقل ينتصر في الدراما.
وفكرة انتصار الخير على الشر هي بالأساس فكرة طفولية، تنتهي مع النضوج والتعامل في الحياة بحساباتها الأخرى، وحين يشاهد الجمهور مسلسلات "جعفر العمدة" أو "الأسطورة" أو "مع سبق الإصرار"، يشعرون أن أحلامهم الطفولية تحققت.
ولا يستخدم سامي فقط تيمة الخير والشر ذات النجاح المعروف مسبقًا، بل يضيف ميزة صناعة عالم من الأبطال الخارقين "السوبرهيرو"، والتي لديها من الجاذبية قدر كبير على متلقيها.
في جعفر العمدة مثلًا، نشأ حي السيدة زينب نشأ الـ"هيرو" جعفر العمدة، فهذا مسلسل تنطلق أحداثه في حي شعبي يشبه عالمنا، البطل الخارق يرتدي جلبابًا، يؤدي حركات تعبر عن استعداده لدخول معركة ما وينتصر أمام الحارة كلها، وله طريقة كلام تُميزه.
لماذا يكرر محمد سامي تجاربه الإخراجية مع محمد رمضان؟.. هل لأن رمضان يشبه أغلب المصريين في الشكل والجسد، كلنا لدينا صديق يشبهه، فلا يبدو الأمر وكأنه تكرار للبطل للخارق الذي يقتصر على الرجل الأبيض الشجاع، فيندمج المتلقي مع القصة أكتر.
ماذا عن النساء في دراما محمد سامي؟.. كرهت تنميط النساء في المسلسل، ولكن مع الحلقات الأخيرة وجدت أن للنساء دورًا فاعلًا في أحداث مسلسل "جعفر العمدة"، فوصيفة "صفصف" ملكة عالم جعفر، وزوجته "دلال" تمثل الشر المحض، على عكس مسلسلات أخرى يكون فيه العنصر النسائي مهمشًا أو بلا دور درامي في تحريك الأحداث.
في مسلسل جعفر، نرى نساء أسرته يخرجن للدفاع عن سيد ونعيم في اشتباكهم مع أولاد فتح الله، وبنهاية الأحداث تقرر نرجس الانفصال عن جعفر فيحترم قرارها.
شاهدت مسلسل جعفر العمدة بحماس مثل مسلسل "moon knight"، وصار جعفر الأقرب لي، فهو بطل شجاع يواجه مشكلة، تتصاعد الأحداث، ثم ينتصر البطل محققًا نهاية سعيدة طفولية لا تشبه عالمنا.
سأبحث عن مسلسل محمد سامي وأشاهده في رمضان القادم، حتى وإن كنت أعلم أن تيماته المستخدمة تحجز نجاحها مسبقًا في وعينا الذي يحتاج إلى رؤية الخير ينتصر على الشر.