على رأي المثل "تعرف فالن أيوة أعرفه، عاشرته، أل، يبقى متعرفهوش"، هذه المقولة التي تصف كتاب أيام نوبية
للبروفسير آنا هوهينڤارت، وهي باحثة نمساوية حصلت على الدكتوراة في علم اإليثنولوجي أي األعراق البشرية من جامعة
لدعوة أطلقتها
ًة
فيينا، حيث عاشت آنا مع النوبيين فترة من الوقت أثمرت هذا الكتاب القيم الذي يصف الحياة الن
.منظمة اليونسكو إلنقاذ آثار النوبة ودراسة حياة المجتمع النوبي
يطل الكتاب - الصادر عن مركز التوثيق التراث الحضارى والطبيعى في مكتبة االسكندرية عام 2012 - برؤية مميزة من
وجهة نظري على جوانب الحياة في المجتمع النوبي، من خالل عدة فصول تناولت العمارة النوبية وأشكال البيوت المميزة
التي تختلف على حسب المناخ، فمثال البيوت في قرى الكنوز تغطيها القباب التي تناسب المنطقة ذات الطقس الحار الجاف،
أما بيوت الفاديجا فأسقفها مسطحة بالجريد، وذلك يناسب المساحات المفتوحة حول مجرى النيل، مع مراعاة أن تكون األسقف
.على ارتفاع كبير والجدران من الطين والطالء باللون األبيض لصد الشمس
كما تناول الكتاب العمل في المجتمع النوبي، فقد مارس النوبيون الكثير من أنواع األعمال أهمها الزراعة التي تعد أهم
الموراد االقتصادية في النوبة، كما برعوا في صناعة أدوات الزراعة مثل الساقية والشادوف والبكارة. كما برعوا أيضا في
صناعة المراكب النيلية والعنجريبات أو السريرالبلدي. والتجارة، فقد اشتهروا بتجارة الفحم في مواسم تقليم أشجار السنط
.واألثل وشحنها إلى مركز أسوان، وأيضا تجارة البلح وجلود الحيوانات، وكانت أهم وسيلة نقل لديهم المراكب الشراعية
وقد ذكر الكتاب بعض العادات والتقاليد النوبية التي يمارسها النوبيون في األفراح، وهي استحمام العريس في النيل وضربه
.بالكرباج حتي يتحمل مسؤلياته الجديدة، وأيضا النقوط الذي يقدم كمساهمة للعروسين
كما تناول الكتاب التهجير الذي تعرضوا له بسبب بناء الخزان ثم تبع ذلك تهجير لكل قرى النوبة عند بناء السد العالي، إلي
منطقة كوم أمبو شمال أسوان، حيث تم تهجير أول قرية نوبية وهي دابود في 18 أكتوبر 1963 ،وقد عانى النوبيون
كثيرا من التهجير بسبب اختالف البيئة من زراعية لصحراوية، واختالف المناخ، لينعم بعد ذلك أهل مصر وهم ال يدرون
.معاناة أهل النوبة
هذا الكتاب يجعل القارئ يعود بالزمن لهذا العصر المليء بالعادات والتقاليد، كما يضم صورا جميلة يصحبها شرح باللغتين
العربية والنوبية التي تظهر ألول مرة في كتاب بحثي في محاولة لتوثيق تلك اللغة التي تناقلتها األلسنة وغفلت عنها األيادي
.طوال سنوات طويلة
أيام نوبية ليس بحثا فقط بل نافذة عرض للحياة النوبية وتراثها وتقاليدها التي اندثرت بعد التهجير ويفتقدها أهل النوبة،
.ويجب على كل نوبي أن يقرأه ليعلم تاريخه وتقاليد وحياة أجداده قبل التهجير