العيد.. ذلك الحدث السنوي الذي ينتظره الصغار والكبار بكل شغف، وأحد أهم المناسبات الاجتماعية والدينية التي تجمع العائلات والأصدقاء في أجواء يملأها الفرح والتآلف، لكن مع تغير الزمن طرأت بعض التحولات على طرق الاحتفال بالعيد، في رأيي هي تحولات أفقدته روحه.
في الماضي كان العيد يحمل بساطة التجمعات، أما حاليًا أصبح الحاضر يفرض أسلوبًا مختلفًا تغلب عليه تطورات التكنولوجيا والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية.
قبل عقود، كانت احتفالات العيد تتمحور حول العادات والتقاليد الراسخة التي كانت تحظى بخصوصية فريدة، فكان الناس يستيقظون مع أول خيوط الفجر، ويرتدون الملابس الجديدة التي غالبًا ما كانت تُخاط يدويًا أو تُشترى خصيصًا لهذه المناسبة،.
وبعد صلاة العيد، تبدأ الزيارات العائلية حيث يتبادل الأهالي والجيران تهنئة بعضهم، ومن ثمّ يبدأ تقديم الحلوى التقليدية، مثل المعمول، الذي صُنع بكل حب، أما الأطفال فكانوا ينتظرون العيدية بشوق، حتى وإن كانت مبالغ بسيطة، لكنها كانت تعني لهم الكثير.
كما كانت موائد الطعام تُعدّ بعناية، حيث تجتمع العائلات الكبيرة لتناول الأطعمة التقليدية التي تختلف من بلد إلى آخر، لكنها كانت تشترك في كونها وجبات مُحضّرة منزليًا بروح العطاء والاحتفال بهذه المناسبة.
أما في العصر الحالي، فقد تغيرت الكثير من العادات بدفع انشغالات الحياة اليومية، وأصبحت التهاني تُرسل عبر تطبيقات الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي، بدلًا من الزيارات الشخصية التي كانت أساسية في الماضي.
حتى مفهوم العيدية شهد تحولًا، فكانت في الماضي تُقدَّم نقدًا، أما حاليًا أصبح البعض يرسلها عبر التطبيقات المصرفية أو المحافظ الإلكترونية، كما أن نمط الحياة السريع جعل بعض الأسر تعتمد على المطاعم أو خدمات التوصيل، بدلًا من إعداد الولائم العائلية في المنزل.
كما لا يمكننا إغفال تأثير العولمة والسياحة، فأصبحت العطلات فرصة للسفر والاستجمام بدلًا من قضاء الوقت مع العائلة، مما أثر على تقليل التواصل العائلي في مجتمعنا.
وعلى الرغم من هذه التغيرات، إلا أن البعض لا يزال يحافظ على أن يظل العيد وقت للفرح والتواصل، مهما تغيرت الوسائل، فبعض العائلات لا تزال تحرص على التجمع، حتى إذا اجتمعت عبر مكالمات الفيديو، والأطفال لا يزالون ينتظرون العيدية حتى إذا كانت رقمية.
التحدي الحقيقي هو الحفاظ على روح العيد وسط هذه التغيرات، فيمكنك الحفاظ على روح العيد عبر تعزيز قيم الترابط الاجتماعي والتواصل الحقيقي، وعدم السماح للتكنولوجيا بأن تحلّ محل العلاقات الإنسانية، فالعيد ليس مجرد يوم احتفالي، بل هو مناسبة تعزز مشاعر المحبة والتكافل الاجتماعي، سواء في الماضي أو في الحاضر.