صحة الإنسان في عصر السرعة 

تصميم: محمد صلاح

كتب/ت جنة الله أشرف عطية
2025-03-15 10:51:39

أسهم التقدم العلمي والتكنولوجي في بعض جوانبه، نشوء تحديات صحية جديدة، تتطلب منا إعادة التفكير في نمط حياتنا اليومي، حيث أصبح الحفاظ على أسلوب حياة صحي أمرًا يتطلب وعيًا ومجهودًا متواصلًا، كما يبدو أن "العصر الحديث" الذي نعيش فيه يشكل تهديدًا مستمرًا لها.

إذ أننا نواجه كبشر تحديات صحية مثل السمنة والتوتر النفسي وقلة النشاط البدني والتغذية الغير متوازنة، فهل أثرت التكنولوجيا على نحوِ ما على صحتنا الجسدية والنفسية؟ 

السمنة

تشير دراسات لمنظمة الصحة العالمية إلى أن 39% من البالغين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، وهي نسبة لا يمكن إغفالها، خاصة في ظل تزايد استخدام الهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية بشكل مفرط، فعلى الرغم من الراحة التي توفرها هذه الأجهزة الحديثة، فإن الاستخدام المفرط لها أسهم في زيادة الجلوس لفترات طويلة، مما ساهم في انتشار أمراض مرتبطة بنمط الحياة كالسمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية.

أمراض مزمنة

تشير إحصائيات المنظمة  أيضًا إلى أن أكثر من 2 مليار شخص في العالم يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، مما يعتبر هذا مؤشرًا على تأثير نمط الحياة الحديث على صحتنا، كما أن التوسع في استخدام الأطعمة المعالجة والوجبات السريعة، التي أصبحت جزءًا أساسيًا من النظام الغذائي اليومي للكثيرين، ساهم  ذلك في ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم. 

وفقًا لجمعية السكري الأمريكية، يعاني حوالي 34.2 مليون شخص في الولايات المتحدة من السكري، ما يعادل 10.5% من السكان، وهو ما يعكس انتشار أمراض التغذية السريعة والتأثيرات السلبية للأطعمة المعالجة على الصحة العامة. 

العزلة الرقمية

من ناحية أخرى، فإن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية في العصر الحديث أدت إلى زيادة ضغوط الحياة اليومية، منها تزايد ساعات العمل والضغوط النفسية الناتجة عن التنافس المستمر، بالإضافة إلى العزلة الاجتماعية الناتجة عن الاعتماد المتزايد على التواصل الرقمي، كلها عوامل أسهمت في تدهور الصحة النفسية للأفراد.

تذكر دراسة لمنظمة الصحة العالمية لعام 2023 أن 60% من الموظفين حول العالم يعانون من مستويات عالية من التوتر بسبب ضغوط العمل، ولكن هل هذا التوتر ناتج عن العمل، أم أن أسلوب الحياة الذي نعيشه هو من يساهم بشكل كبير في تصاعد هذه الضغوط؟ فهل التوازن بين العمل والحياة الشخصية قد أصبح حلمًا بعيد المنال؟

وفقًا لمعهد الصحة النفسية الوطني، فإن حوالي 17.9 مليون شخص يموتون بسبب أمراض القلب كل عام، مما يجعله أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم. 

التغذية السليمة

من بين الحلول الشائعة التي يتبناها كثيرون لتحسين صحتهم هي اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، لكن هل يمكن للتغذية وحدها أن تعالج الأمراض الناتجة عن قلة النشاط البدني وضغوط الحياة، هل يجب أن ننظر إلى النظام الغذائي كجزء من معادلة أكبر تشمل الراحة النفسية والتمارين الرياضية؟ العوامل النفسية والاجتماعية تؤثر حقًا على كيفية تعاملنا مع الطعام، فهل فعًلا يستطيع الجميع تحسين صحتهم عبر نظام غذائي صحي فقط، كما يوجد عوامل أخرى كالعوامل النفسية والضغوط الاجتماعية التي تلعب دورًا أكبر في تحديد نوعية حياتنا.

البحث عن حلول

في النهاية، يبدو أن الأسئلة التي تثار حول صحتنا في العصر الحديث تتعدى الحلول السطحية، لابد أن نعترف بأن الحفاظ على الصحة ليس أمرًا سهلًا في ظل الضغوط اليومية التي تتمثل في التكنولوجيا والتحديات النفسية، فالحلول قد تكون متنوعة، ولكنها تعتمد على الظروف الفردية لكل شخص، ومع ذلك، يجب أن نكون أكثر وعيًا بمسؤوليتنا تجاه صحتنا وأن نتخذ خطوات صغيرة، لكن فعّالة لتحقيق التوازن بين جوانب الحياة المختلفة.