في حديث على المقهى بيني وبين أصدقائي، عن الأفلام والحياة والتعويم، انتقلنا للحديث عن كل الأفلام التي أثرت في طفولتنا، بداية من الأفلام الأكثر رعبًا؛ مشهد التحول لقطة في فيلم "الإنس والجن". أحلامنا أن نعيش قصة فيلم "أحلى الأوقات"، والبحث عن الحب وأصدقاء الطفولة، وحلم التمثيل التي تمنته "ضحى"، ولم تحصل عليه بسبب صعوبة الدخول للمجال، كأغلب جيلنا الذي يحاول دخول مجالات يمنعهم عنها "شيوخ" المهنة.
بكينا في مشهد نهاية "تيتو"، وأثّر فينا رقّة صوت "ياسر شعبان" في أغنية "الحكاية مبتنتهيش"، رقصنا على أغنية "كاجولوه" في فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية، وتعرّفنا على صعوبات الهجرة من فيلم "همام في أمستردام"، كانت تلك حكايتنا وطفولتنا، لجيل كامل جالس أمام آلة زمن تسمي "تليفزيون"، وأمام قناة محددة تُلبي اهتماماتنا "روتانا سينما".
"روتانا سينما .. مش هتقدر تغمّض عينيك" شعار لاصق لمرحلة طفولتنا، شكل هوايتنا ونظرتنا للسينما والحياة، لنكتشف أن المُشترك بيننا هو الأرق والاهتمام بالسينما، فنحن لا ننام إلا مع الدقيقة الأخيرة في الفيلم، حتى لو لزم الأمر عدم حضور المحاضرة الأولى أو خصم نصف يوم في العمل، فتلك هي عادتنا غير الإيجابية التي تُلازمنا، إلى جانب رغبتنا الشديدة في مشاركة "ميمز"-منشورات كوميدية- تُعبّر عن الكوميديا السوداء التي تعلّمناها من فيلم "الناظر"، لنكون مثل عاطف في الفيلم، ونقول في أغلب المواقف الاجتماعية "لقيت الفرن زحمة.. جبتلك جرجير".
يُصادفني فيديو على "التيك توك" لمشهد شهير من فيلم "أحلى الأوقات"، بين عمرو واكد "هشام" وحنان ترك "سلمى"، في جملة حوارية يقولها هشام وكأنها تُنبّئ بالمستقبل "عندك مثلًا اللحظة اللي احنا فيها دلوقتي بعد 20 سنة هتفتكريها، وهتقولي إنها كانت أجمل شئ في حياتك"، يُصادف أن الفيلم مرّ عليه 20 عامًا فهو من إنتاج 2004، ليكون بالفعل بعد مرور تلك السنوات من أجمل اللحظات في حياة جيل الألفينات.
تظلّ ذكرياتنا مع ممثلي تلك الفترة أوقاتًا ذات خط لم يكتمل، بسبب هجرة بعضهم نتيجة لاختيارات شخصية أو أوضاع سياسية، واعتزال آخرين، وفقدهم وسط سرعة الحياة، لأتذكّر جملة في أغنية "لحظة تفاهم" بصوت مصطفى قمر في فيلم "حريم كريم": "احنا كنا الحب ذاته .. قبل ما تسافر بعيد"، فقد ارتبطنا بذكريات معهم قبل كل التغيرات التي اعترضت طريقهم.
رغم كل شئ، لا زلنا محظوظين، فوسائل التواصل الاجتماعي ومنصات المشاهدة تجعل علاقتنا بهم مُستمرة بطريقة ما، حيث نرى أعمالهم التي يُقدّمها بعضهم بلغة ليست لغتهم الأم، ومتابعتهم على حساباتهم الشخصية في حالة تواريهم عن الأنظار، تُعزّينا قليلًا، لكن لا تزال لدينا أمنية واحدة؛ وهي ظهورهم مرة أخرى على شاشة السينما، لأسمع أصواتهم مرة أخيرة، وأظلّ أتابعهم وأنا أقاوم إغماض عيني من الاستمتاع، وليس بسبب الأرق الذي يُلازمني.