هل تعترف فعلًا بأن "باب التوبة مفتوح"؟
سؤال يتبنى صناع فيلم "رحلة 404” الإجابة عنه بالنفي، سنقول أن الباب مفتوح لكن على أرض الواقع، سيعاني أو تعاني من الوصم الاجتماعي، حتى وإن حاولت/ي البداية من جديد كما سعت بطلة الفيلم "غادة" التي أدت دورها منى زكي.
طرحت منصة شاهد فيلم "رحلة 404" في ثاني أيام عيد الأضحى، الموافق 17 يونيو، ليتصدر الفيلم أعلى نسبة مشاهدة، وهو من تأليف محمد رجاء، وإخراج هاني خليفة.
تبدأ مشكلة غادة من حيث تتمنى، فقد وضعت كل ما تملك من مال لأداء مناسك الحج، الذي يُمثّل فرصة لبدء حياة جديدة، لكن مع تعرض والدتها لحادث على إثر شجار بينهما بسبب توتر علاقتهما، فتكون هي الوحيدة المسؤولة عن علاجها ودفع مصاريف إجراء العمليات، وتبحث عن شخص يقرضها تكاليف علاج والدتها.
يسير الفيلم في خط درامي مُكتمل، لكنه غير نمطي، فلا نعرف كثيرًا عن حياة غادة، إلا أنها تتكشف تدريجيًا، وفي خلال رحلة بحثها عن شخص يقرضها المال نتعرف على سبب عملها في الجنس التجاري، ومن خلال تلك التفصيلة يوضح لنا الفيلم أن العاملة بالجنس أو "فتاة الليل" كما يُطلق عليها، هي إنسانة تُخطئ وتصيب، وليست شخص سيء على طول الخط كما يتصورها المجتمع.
تكاليف العلاج هي حلقة الوصل التي تجعل المشاهد يتعرف على مجتمع غادة السابق، الذي تركته خلفها، لكنها تضطر إلى اللجوء إليه لحاجتها المادية، وعلى الرغم من حبكة الفيلم الجيدة والمبنية على فكرة فلسفية، إلا أن الفيلم يواجه مشكلتين؛ الأولى في عدم توضيح سبب توتر العلاقة بين الأم وغادة.
والمشكلة الثانية كانت النهاية غير المنطقية، وتحوّل إحدى شخصيات الفيلم بطريقة لا تتناسب مع طبيعة بنائها، وهو "طارق" الموظف الذي يلعب دورًا صغيرًا بالفيلم، لكن تلك الشخصية استُخدمت لحلّ المُعضلة الدرامية وإنهاء صراع الفيلم بأكمله.
"غادة هي الفيلم والفيلم هو غادة" فهي شخصية استُخدمت دراميًا لمناقشة فكرة التغير والاختيارات وكيف يعطي محيطها الاجتماعي الحق لنفسه في اعتبار أن ذلك مرفوض، رغم أن أي تجربة تخصّ صاحبها وحده.
يثير الفيلم النقاش حول أصحاب الرؤى الثنائية، الذين لا يرون الحياة سولا باللونين الأبيض والأسود، وكأن لا وجود تحولات إنسانية بينهم باللون الرماديّ.
داخل الفيلم تُرافقنا صورة الكعبة والمصلين، وكل الرموز المُعبرّة عن ذلك الركن الديني، ليُذكّر المشاهدين وغادة بأمنيتها التي تسعى لها في أحداث الفيلم، وينتهي الفيلم بصوت ليلى مراد في أغنيتها "يا رايحين للنبي الغالي" التي ظلت رمزًا للاحتفال بالحجاج، وتمجيدًا لذلك الطقس، الذي سعت له غادة وغيرها ليكون ميلادًا جديدًا.