«إلى ذاكرة أم علي وهيام» بتلك الكلمات انتهى الفيلم الوثائقي «باي باي طبريا»، الذي يتحدث عن قصة النكبة الفلسطينية، حين هُجر آلاف الفلسطينيين، من قرية طبريا إلى دير حنا خلال العام 1948 الذي عرف فيما بعد بعام النكبة.
يوثق الفيلم فترة هامة في تاريخ فلسطين. فهو من إخراج لينا سوالم، ولمدة ساعة ونصف تحكي المخرجة قصة النكبة بصوتها، ويدور حول عائلة هيام عباس التي تسرد برفقة أشقائها الثلاثة ووالدتهم «أم علي» قصة نكبة فلسطين التي تتشابه مع ما يحدث الآن من العدوان الإسرائيلي على غزة.
داخل سينما زاوية بمنطقة وسط البلد، عُرض الفيلم لأول مرة في مصر، إذ كان أول عرض له خلال فبراير الجاري في مهرجان البندقية السينمائي بإيطاليا ومهرجان تورنتو بكندا، بعد الانتهاء من تصويره في العام الماضي.
جاء عرضه في إيطاليا وكندا ومصر بالتزامن مع استمرار الحرب على غزة الآن بعد أكثر من 130 يومًا من القصف الإسرائيلي على القطاع، وأعاد للأذهان تهجير الفلسطينيين منذ 76 عامًا، إذ نزح في الحرب الحالية من غزة إلى رفح نحو مليون فلسطيني.
يدور الفيلم حول أسرة هيام ويبدأ بالصور الفوتوغرافية والجوابات التي تجدها هي وشقيقتها لينا في أشياء والدتهما بشأن الهجرة القديمة، وتعود المخرجة لينا بـ«فلاش باك» إلى فيديو مسجل منذ العام 1959، حينما أعلنت إسرائيل الحرب على فلسطين.
ويظهر الفيديو اجتياح قوات الاحتلال الإسرائيلي الشوارع وإطلاق النار على المدنيين، وأصحاب الأرض وهم يُهجرون منها، ثم تعود بالأحداث إلى الآن وأسرة هيام تحمل الحقائب وتسير في الطريق مُهجرين مرة ثانية بسبب الحرب الحالية.
بعد هذا المشهد، تحكي هيام وهي تجلس على شاطئ بحيرة طبريا، رحلة النزوح تلك وكيف استطاعت أسرتها السير لهذه المسافة البعيدة، من طبريا إلى دير حنا، لمدة تقارب 6 ساعات، فلم تجد أسرتها وسيلة نقل وقت التهجير.
تبدأ والدتها «أم علي» في الظهور دون الحديث عن من هو علي وأين؟، لكن تسرد قصة طبريا، وكيف عاد زوجها بعد يوم من التهجير مرة أخرى إليها بعد أن أطمئن عليها هي والأبناء، وعندما عاد وجد الاحتلال بدأ في هدم المنزل، وتحكي «أم علي» أنه لم يعد كما كان منذ هذه اللحظة.
من بعد النكبة والتهجير، تنتقل أحداث الفيلم إلى فترة التسعينيات من القرن الماضي، التي بدأ فيها الأبناء في الوصول إلى سن الشباب، وتظهر هيام في خطبة شقيقتها، تفكر في السفر والتمثيل، ثم يأتي العام 2018 الذي كانت فيه الأسرة مستقرة يحكون ويضحكون، وتسرد هيام قصصها العاطفية، التي تبحث فيها عن الحب.
كانت هيام هي الوحيدة التي ولدت خارج قريتها طبريا إذ هُجرت الأسرة قبل ذلك بعام، أي أنها الوحيدة التي ولدت بعد عام الحزن والنكبة.
ثم تجمع لينا وهيام من تبقى في العائلة لقضاء يوم معًا داخل منزلهم القديم في دير حنا، ويدور اليوم بين البكاء ومشاهدة الصورة القديمة والضحك، والحكي عن الماضي وتاريخ فلسطين في ذاكرتهم.
وفي مشهد النهاية يجلس جميع أفراد الأسرة في الشرفة لمشاهدة الجبل الذي يطل منزلهم في دير حنا عليه، إلا أنه أصبح مليئًا بمستعمرات الاحتلال الإسرائيلي، وهنا تظهر المخرجة لينا في صورة تجمعها مع عائلة هيام وهم ينظرون جميعًا إلى بلدتهم من داخل شرفة منزل «أم علي».