"الاسكتش بتاع محمود أحلى اسكتش في الفصل".. مرت السنين ولم تمر هذه الجملة التي قيلت على لسان مُدرسة الرسم في المرحلة الابتدائية؛ لتكون هذه الكلمات هي الدافع ومصدر الإلهام لـ محمود صابر، 27 عامًا، الذي امتهن الرسم ليكسب منه قوت يومه.
وجد صابر ضالته وراحته في الرسم على وجوه الأطفال بين شوارع حدائق المعادي، لتكون هذه هي لحظات سعادته الخاصة التي ينتظرها كل يوم، عندما يرى فرحة الطفل ووجهه مُزين برسوماته، أو حين يقرر والد الطفل أن يصور ويوثق هذه اللحظات من خلال كاميرا هاتفه المحمول.
يعمل صابر في نهاية الفصول الدراسية أمام المدارس ليحتفل مع الأطفال بالإجازة، ويتجول في شوارع حدائق المعادي وقت الأعياد مفترشًا الشارع، حيث يضع أدواته التي تجذب المارة، لكن الشهرة الأكبر التي حصل عليها كانت من خلال نشره لصور رسوماته على وجوه الأطفال فى "جروبات" "حدائق المعادي ودار السلام"؛ فأصبح ضيفًا في حفلات الحضانات ودور الأيتام وأعياد الميلاد.
"كل الأطفال ولادي"، يقول صابر، الذي أصبح أب منذ شهر، حيث جرت العادة أن يرسم على وجوه الأطفال حتى لو لم يكن الطفل قادرًا على تحمل تكلفة الرسم والتي تبلغ خمسة جنيهات، ويأمل صابر أيضًا أن يعوض ما فاته من خلال طفله الجديد ويخطط أن يعلمه الرسم وأن ينقل له خبرات السنين الفائتة.
عندما تختفي مواسم الرسم المرتبطة بالأعياد والمناسبات وتهب رياح الشتاء الهادىء الباهت بدون ألوان صابر، يجد نفسه مضطرًا للبحث عن مصدر رزق جديد، أحيانًا يبيع النظارات الشمسية في شوارع منطقته أو يبيع ملابس الأطفال والشباب، وهكذا تمر عليه الأيام في انتظار الأعياد ليمارس هوايته ومهنته المفضلة: الرسم.
أحلامه للمستقبل بسيطة: عمل ثابت، أو مشروع خاص به له علاقة بالرسم؛ حتى تستقر حياته وحياة ابنه، ويستطيع توفير له مناخ دراسي جيد وطاقة ليعلمه الرسم.