منذ عشر سنوات، بدأت عالية عبد المجيد "أم آية" مشروع صناعة الزينة الورقية لشهر رمضان؛ فبعدما توفي زوجها اقترحت عليها جارتها وصديقتها الوحيدة البدء في مشروع كي تخرج من حزنها الشديد على رحيله وتزيد من دخلها للإنفاق على أولادها، فكان مشروع "صناعة البهجة" هو انطلاقة عالية في سوق العمل وخدمة سيدات دار السلام.
بدأت عالية عملها مع السيدات المحيطات بها من أقارب وجيران، كان عددًا كبيرًا قل بعد أول سنة بسبب عدم فهمهن لفكرة المشروع، تروي عالية قصة المشروع قائلة: "قررت التعامل مع هذا التحدي واختيار سيدات أكثر اهتمامًا واحتياجًا للمشروع، حتى وصل فريق العمل الآن إلى عشر سيدات من الحي أعتمد عليهن بشكل ثابت من بينهن ترزية وربات منزل".
اختارت عالية السيدات تحديدًا للاشتراك في المشروع، لأنها ترى أنهن الأحق بهذا العمل، حتى يساعدهن في مصاريفهن على أطفالهن خلال شهر رمضان والعيد، وتعتبر أم آية صناعة الزينة عملًا دقيقًا يتضمن تفاصيلًا تعرفها السيدات أكثر من الرجال وتستمتعن بصناعته.
يبدأ التحضير لموسم شهر رمضان بعد انتهاء الشهر نفسه، حيث يستمر العمل طوال العام، وقبل رمضان بعشر أيام تبدأ عالية في جمع الزينة من السيدات وتوزيعها على المحال والتجار، ثم الحصول على المكسب بعد عام كامل من العمل وتوزيعه على السيدات، ليحصلن على إجازة للراحة خلال شهر رمضان، ثم يعدن للعمل بعد أخرى بعد انتهاء عيد الفطر.
تزور عالية العتبة والموسكي وباب الشعرية شهريًا لتشتري الخامات وتوزعها على السيدات، وتشرح لهن مراحل صناعة الزينة، حيث يتم قص الخيط "الدوبارة" الذي تعلّق عليه الزينة والورق الذي تخرج منه، ثم توزع عالية المواد على السيدات أسبوعيًا، ليبدأن العمل عليها بماكينة الخياطة أو خياطتها بشكل يدوي، ولأن الخياطة اليدوية صعبة، اشترت عالية ماكينات خياطة لتعطيها للسيدات المبتدئات إلى حين شراؤهن لماكينات خاصة بهن في المستقبل.
مع بداية كل أسبوع تسلّم السيدات ما أنتجنه، ويكون متوسط الإنتاج لكل سيدة 20 فرعًا أسبوعيًا، والفرع طوله 15 مترًا، ولاحظت عالية أن هذا العام قلت الخامات في السوق بشكل كبير وأصبحت أغلى، فبعدما كان يبلغ سعر كيلو الخيوط 25 جنيهًا أصبح يبلغ 50 جنيهًا، بينما يبلغ سعر كيلو الورق 100 جنيهًا، بعدما كان يبلغ سعره وقت بداية المشروع منذ عشر سنوات، 2 جنيهًا ونصف للكيلو.
بعد شهور من بدء المشروع، لمست عالية تغييرًا في حياتها، فتخلصت تدريجيًا من حزنها على وفاة زوجها، وبدأت تهتم بأبناءها، فلـ"عالية" خمسة أبناء، وبينما كان مشروعها يزداد نجاحًا عامًا بعد عام، ساعدتهم جميعًا على إنهاء تعليمهم ووقفت بجانبهم حتى مرحلة الزواج.
بدأت فتحية حسب الله، ترزية لديها محل خاصة بها، العمل مع عالية منذ 3 سنوات، بهدف زيادة دخلها بجانب أعمال التفصيل والخياطة، حيث كان عملها غير ثابت ويعتمد على طلبات الزبائن فقط، ولذلك كانت تملك ماكينة خياطة واحدة متوسطة، ولكن بعد اشتراكها في مشروع عالية، اشترت فتحية ماكينة خياطة جديدة متطورة لتساعدها على العمل، وانضمت شقيقتها للعمل معها في المشروع.
تعتبر فتحية أن صناعة الزينة من أمتع الأعمال التي تقوم بها، خاصة وأنها أصبحت أكثر خبرة فيه بعد ثلاث سنوات، متمنية الاستمرار هي وشقيقتها في العمل في المشروع خلال السنوات القادمة.
قبل رمضان بأيام، لم تنم عالية بسبب الضغط، فالأسبوع الذي يسبق الشهر الكريم هو موسم حصاد عام كامل من العمل، خاصة وأنها تختار التعامل بنفسها مع التجار والتواصل معهم عبر الهاتف.
بالرغم من كل هذا الضغوط، تحب عالية عملها وتشعر بالسعادة من خلاله، فتقول:"الشغل متعة، الواحدة لما بتشتغل بتحس إنها بتعمل حاجة مهمة"، تحديدًا بعد وفاة زوجها، الأمر الذي كان من الممكن أن يزيد من حزنها وأوقات فراغها، ولكنها اختارت استغلال هذا الوقت في مشروع حياتها.
أصبحت "أم آية" علامة من علامات صناعة البهجة هي وفريق عملها، ووصل صيتها إلى بنها والإسكندرية، وهي تتمنى التوسع ليذيع صيتها في باقي المحافظات، وأن تكون مصدرًا للبهجة في حي دار السلام وجميع محافظات مصر خلال الشهر الكريم.