ينتظر العديد من المصريين حلول شهر رمضان، ليتباروا في أعمال الخير، المتصدّر قائمتها إعداد "موائد الرحمن الرمضانية"، التي طالما كانت مظهرًا من مظاهر رمضان في مصر.
ومع حلول 2020 وتفشي مرض الكورونا، مُنع تنظيم موائد الرحمن، في شهر رمضان، على مدار سنوات متتالية، لكن بعد خمس سنوات نجح "نشأت طلعت" في تكرار عادته الرمضانية السنوية، بعمل مائدة إفطار، بمنطقة دوران المجزر بمدينة المنصورة.
وطوال 30 يومًا من الخير، استقبل "نشأت" ضيوف المائدة، ليقدم لهم وجبة الإفطار، التي جمعها من خلال رحلة شاقة من التطوع والتبرعات والإعداد ومواجهة الأسعار.
البداية
يقول "نشأت" في بداية حديثه، بينما هو منهمك في إعداد مكونات وجبة الإفطار: "هذا العمل لوجه الله، وأقوم بهذا العادة الرمضانية منذ عشر سنوات، ومن قبل الكورونا وحينما أمر بغلق الموائد حزنت حزنًا شديدًا، لكني استعضتُ عن المائدة بإعداد الوجبات وتوزيعها على ضيوف المائدة، وكانوا يتسلمونها قبل الإفطار ويصطحبونها لمنازلهم".
يحكي نشأت كيف وُلدت الفكرة؛ التقى برجل صالح، كان يُطعم ضيوف المسجد في رمضان، ولم يكن عددهم يتعدى خمسة عشر شخص، وحينما ازداد العدد طلب مساعدة "نشأت"، فاقترح حينها الأخير عمل مائده خارج المسجد حرصًا على نظافة المسجد، ومنذ ذلك الحين تُقام مائدة دوران
المجزر.
مساعدات
يجمع "نشأت" مساعدات أهالي منطقة دوران المجزر، قبل دخول رمضان، حيث يقدمون تبرعات مختلفة، كمساعدات ومشاركة في ثواب الإفطار بالمائدة، يقول "نشأت": "هناك من يرسل لي أرز والآخر لحم والآخر خضروات، وهناك من يساعدون بمبلغ مالي، وأقوم قبل حلول رمضان بشراء "عجل" وذبحه ليكفي لحمه وجبات المائدة طوال الشهر".
فريق العمل
وفيما ينفذ "نشأت" المائدة بنفسه، ويساعده أهالي المنطقة، ساعده طوال الشهر 6 أشخاص، حيث يجهزون المائدة ومشتملاتها من كراس ومناضد ويقوم هو بتعبئة الأرز في الأطباق، ويقوم شخص من المساعدين الستة في تعبئة مياه الشرب للضيوف، فيما يقدم ثالث "الطبيخ"، ويوزع الرابع الأطباق على المائدة، أما الخامس فيقوم بتوزيع "البروتين" سواء كان لحوم أو دجاج، أما المساعد الأخير فيقوم بتنظيف المائدة بعد الانتهاء من الإفطار، أما مهمة الطهي، فاقتصرها نشأت على نفسه، حيث تطهى كل أطباق المائدة بمنزله، وحتى المشروبات.
تستقبل المائدة، ما يقرب من 150 ضيف يوميًا، فيما يصل عدد ضيوفها إلى 200 شخص في أيام الجمعة، ويقول نشأت إنه يشعر هذا العام بفرحة كبيرة، حيث زاد عدد ضيوف المائدة، ومنهم أصحاب المحال المجاورة، الذين يتأخرون في بعض الأحيان عن موعد الإفطار بسبب عملهم ، فيبهجوا المائدة بحضورهم، وكذلك عمال النظافة الذين يعانون طوال اليوم من مشقة العمل في الشارع حتى ساعات الإفطار للحفاظ على نظافة الحي، والأكثر إسعادًا لنشأت هم الغرباء وعابري السبيل الذين يمرون بالمنطقة أثناء الإفطار فتستضيفهم المائدة.
جدول اليوم
ومع صلاة العصر، يبدأ "توضيب" المائدة، حيث توضع المناضد والكراسي حولها، وتفرش المفارش وزجاجات المياه، فيما يقوم أحد أصدقاء "نشأت" برحلة مجانية سريعة بسيارته للمنزل، لاصطحاب الطعام بعد طهيه، ويذهب أحد أصدقائه بسيارته بدون مقابل مادي إلى المنزل، ويبعد عن المائدة بحوالي 15 دقيقة لجلب الطعام، ويكون في أواني كبيرة ومطهو، وفي الخامسة يقوم بتحضير الطعام بوضعه في الأطباق.
ومع فرحة "نشأت" بزيادة عدد ضيوف المائدة، لكنه أكد أن السبب الرئيسي هو ارتفاع الأسعار، مشيرًا إلى أن كميات الطعام هذا العام تفوق كل الأعوام السابقة، على الرغم من الأزمة الاقتصادية.
أما عن سبب ذلك، فأكد نشأت أنه أثناء رحلة ذهابه إلى السوق بالمجزر، يجد أفضل سعر، فأصحاب المحال يُخفضّون السعر عند شراء كميات، وحينما يعلمون أن الطعام لصالح مائدة رمضانية.