"اتحدوا! النضال لإنهاء العنف ضد المرأة" شعار حددته منظمة الأمم المتحدة لفعاليات إحياء اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة في العام الحالي، والموافق 25 نوفمبر. وبالرغم من أن هذا الشعار موجه للعالم، فإنه يبدو كأنه موجه للمصريين بشكل خاص، ردا على ما شاهده المجتمع من تفاقم لظاهرة العنف ضد الإناث خلال العام الحالي، والذي تجلّى في قتل "نيرة أشرف" طالبة المنصورة، و"سلمى بهجت" طالبة الزقازيق، في مكانين عامين على مرأى ومسمع من الناس.
“عبر الهاتف ولظروف ارتبطت بسفره، حاورت قلم المنصورة" الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، بحثًا عن تفاصيل أكتر لتصريحاته السابقة بخصوص العنف في المجتمع المصري، التي كرر فيها أن التهاون مع جرائم قتل الفتيات يساعد على تكرارها، وأن الإعلام يجب أن يناقش هذه الجرائم وفق "طريقة معينة"، وأن الاهتمام بالأمن السياسي على حساب الاجتماعي يؤدي إلى فوضى.
خلال الأسابيع الماضية قضت محكمة الزقازيق بإدانة المتهم بقتل «فتاة الزقازيق» طعنا بسلاح أبيض، بعد رفضها وأسرتها الارتباط به، والحكم عليه بالإعدام شنقًا، وهو نفس الحكم الذي قضت به محكمة جنايات المنصورة تجاه المتهم بقتل "طالبة المنصورة" نيرة أشرف.
لا يعتبر صادق أحكام الإعدام ردعًا مباشرة لتكرار هذه الجرائم، ويشير إلى مجموعة من الحلول، يجب أن تتكامل جميعها كي تكون مانعا لمثل هذا العنف المتزايد تجاه الإناث في الشارع المصري.. وإلى نص الحوار.
صدور أحكام الإعدام بحق المتهمين بقتل الفتيات مؤخرا، ألا تعتبر هذا ردعا؟
- في حالة نيرة، صدر الحكم بعد أكثر من شهرين وهذا ليس رادعا، بالإضافة إلى أن الحكم قابل للنقض وهذا يطيل من زمن القضية، وكان هذا كافيا لتتكرر الجريمة مرتين، كما أنه سمح لظهور آراء المدافعين عن المجرم أو المبررين، وهذا يخلق من الجاني شخصا مظلوما أو بطلا، فيتحول إلى نموذج لغيره.
تُكرر دومًا أيضًا أن الذكورية سبب العنف ضد المرأة؛ فكيف ذلك؟
- المجتمع الذكوري هو الذي يفضل الذكر عن الأنثى في كل شيء، باختصار يعطي للولد الأحقية في عمل أي شيء حتى وإن كان فيه ضرر للبنت، فيكبر وهو بداخله شعور أن لديه الأفضلية. لذلك فإن الوقاية من هذه الجرائم تبدأ من توعية الأهالي للأبناء ومناهضة هذا التفكير. وفي رأيي المدارس مثلًا يجب أن تظل مختلطة من المرحلة الأولى حتى التعليم الجامعي، لأن الفصل بينهم الذكور والإناث ثم اجتماعهم في الجامعة يشكل صداما قويا.
ما رأيك في دور المجلس القومي للمرأة؛ ما الإجراءات التي اتخذها للتعامل مع هذه الجرائم أو هذه "الثقافة الذكورية"؟
- المجلس القومي للمرأة دائمًا ما يُصرح لنا أن التعامل مع تلك الجرائم يكون تعامل باطنيًا -غير واضح- وهذا ما يتسبب في تكرار الجرائم، لأنه لا يوجد تدخل صارم في جرائم القتل والاغتصاب والتحرش، أنا أرى أنه لابد أن يكون للمجلس دور واضح، ويكون هناك دور لكبار مسئولي الدولة بدايةً من المحافظ وصولا للرئيس، وردود صارمة من كل الجهات المعنية.
قلت سابقًا أن هناك تركيزا على الأمن السياسي وليس الاجتماعي، فما الذي تقصده؟
- لا يوجد اهتمام بأمن الشوارع، مثل التدخل الحاسم في حوادث التحرش في الشارع أو التسول، فأمن المواطنين في الشارع أحد معايير الأمن الاجتماعي.
وكيف يكون التركيز على الأمن الاجتماعي من وجهة نظرك؟
نعيد الأولوية لأمن المواطن في الشارع عبر تكثيف حملات مواجهة التحرش والتسول، وسرعة التدخل والاستجابة في أقسام الشرطة، وتوعية الناس بضرورة التدخل في حال أي استغاثة بدلًا من المتابعة في صمت.
لماذا توجه اللوم دومًا في تصريحاتك السابقة لوسائل الإعلام في أنها "تساعد على انتشار هذه الجرائم وتكرارها"؟
- لأنها تسلط الضوء على المتهم وأهالي المجني عليهن، فتتحول الصورة من الجريمة كقضية رئيسية إلى الأشخاص أنفسهم، وتصبح مادة لتحقيق المشاهدات وإثارة الفضول.
الإعلام يستضيف أهل المتهم والمجني عليها لطرح مادة تزيد من فضول المتابع، والصواب أن يكون الإعلام صارمًا في التعامل مع هذه القضايا، لا يجري وراء نسب المشاهدة، ولا يركّز على الأشخاص بل على القضية نفسها، كما يشجع على تطبيق القانون بحزم.