كيرلس ملاك.. "راقص" من قلب الصعيد

صورة أرشيفية لكيرلس ملاك أثناء تأدية أحد العروض

كتب/ت عبدالرحمن خليفة
2024-11-16 12:28:35

في مركز أبو قرقاص أحد المراكز التابعة لمحافظة المنيا، تلك المحافظة الواقعة في صعيد مصر الذي له عادات وتقاليد خاصة، نشأ كيرلس ملاك داخله، بل وبدأ في تحقيق حلمه باحتراف الرقص داخل واحد من المجتمعات التي توصف بأنها مجتمع مُنغلق وغير مرحب بفنون الرقص المعاصر.

عام 2015 كانت بداية كيرلس ابن الـ21 عامًا في أداء الرقص المعاصر داخل مركز الفنون الدرامية بجمعية الجزويت بالمنيا.

يُعدّ الرقص المعاصر نوعًا من أنواع الرقص المُعتمد على التعبير الحركي الذي يتميز بالحرية والانفتاح للتجارب الجديدة، كانت بداية ظهور الرقص المعاصر في مصر في عام 1993، عندما قرر جابر عصفور، أمين عام المجلس الأعلى للثقافة في ذلك الحين، إنشاء فرقة مسرحية للرقص المعاصر داخل دار الأوبرا المصرية. 

تختلف تقنيات رقص الباليه عن الرقص المعاصر، يشرح كيرلس لـ"المنياوية" هذا الفرق معتمدًا على اتجاه الجاذبية الأرضية، بقوله إن رقص الباليه الراقص يبتعد عن الجاذبية الأرضية، لكن الرقص المعاصر يسير الراقص فيه مع الجاذبية الأرضية. 

يدرس كيرلس في الفرقة الثالثة بكلية العلوم، ولم يقل شغفه وسعيه وراء الوصول لحلمه في الرقص، ولو ليوم واحد خاصة مع تشجيع أهله له "دائمًا أهلي كانوا شايفين ما دمت ملتزم في دراستي، إذًا أمارس ما شئت من هوايات".

تعلم الشاب أساليب الرقص المعاصر من خلال الورش الفنية، وسعى لتطوير مهاراته، فانتقل للإقامة في القاهرة في سبتمبر 2023، للدراسة في مركز القاهرة للرقص المعاصر، وهي أول مدرسة للرقص المعاصر في مصر، وتُعدّ برنامجًا تدريبيًا احترافيًا للراقصين ومصممي الرقصات ومدرسي الرقص الشباب، وتخرج كيرلس منها في يوليو الماضي. 

الرقص بالنسبة لكيرلس بمثابة الطعام، على حد وصفه، إذ يقول عنه "حركات الجسد والتعبير عن القضايا والمشكلات والعواطف بالحركات شيء يجعلني في عالم آخر"، من خلال الرقص تعلم كيرلس الكثير، ومن بين أهم ما اكتسبه هو الالتزام والإخلاص في العمل. 

رغم أن كيرلس ابن مجتمع لا يزال يعاني من الانغلاق بعض الشيء، إلا أن أسرته كانت الداعم الأول له لتعلم المزيد من تقنيات الرقص، بجانب أصدقائه ومصممة الرقص نرمين حبيب، التي كانت من أوائل من لقنوه دروس الرقص المعاصر في مركز الجزويت، كما أنه يدين بالفضل لدعم مؤسسة الجزويت في المنيا له.

ومن بين الداعمين له أيضًا؛ الفنان والمخرج حسن الجريتلي مؤسس فرقة الورشة المسرحية، حيث التقى به في إحدى الورش الفنية التي أقيمت بالتعاون بين فرقة الورشة وجمعية الجزويت بالمنيا، ومنذ تلك اللحظة نال إعجاب حسن الجريتلي به، وأصبح واحدًا أهم الداعمين له. 

ورغم أنه حظى بدعم من كل من يحيطه، إلا أن أبرز المعوقات التي تواجهه هي قلة الفرص وارتفاع تكاليف السفر، وتعلم فنون الرقص منذ البداية، في الوقت نفسه يُدرك كيرلس جيدًا أن الفن سوف يأخذ الكثير من الوقت، كما أنه لن يجد مقابلًا ماديًا يرضيه في بداياته الفنية، لذا كان أمامه طريقين؛ إما طريق تصميم الرقاصات أو طريق الرقص أو كلتا الطريقتين معًا.

ومنذ ثلاث سنوات بدأ كيرلس في تصميمه للرقصات، ومن أبرز الأعمال الفنية التي شارك في تصميم الرقصات لها؛ فيلم تسجيلي بعنوان "الآفة"، من إخراج بيشوي عادل مكرم والمخرج الأيرلندي توم فنلي، ومن أعماله الراقصة أيضًا عرض "حكايات بعد النوم". 

وقدّم كيرلس عرض مع راقصين عالميين من خلال عمله مع الراقص فرناندو سواريز والراقصة جورجيا مدمة، وهم تابعين لفرقة "بينا باوتش"، وهي أحد الفرق المطورة للرقص المعاصر في العالم، وكان العرض ضمن منحة فنية لتقديم عروض مشتركة مع مصر.

وكأن الزمان يعيد نفسه؛ عاد كيرلس منذ أشهر بالمعلومات من محترفي الرقص، حتى يعطي أبناء مركز الفنون الدرامية في جمعية الجزويت بالمنيا، الورش الخاصة بالرقص المعاصر، ويصمم لهم الرقصات في عروضهم. يحلم كيرلس بالاستمرارية، وأن يُدرّس في مدارس للرقص المعاصر خارج مصر، مُختتمًا حديثه "أنا ماليش سقف في أحلامي تجاه الرقص". 

صور أرشيفية لآدء كيرلس لعدد من العروض