على مدار سنوات؛ ظلت "سُمية" -ابنة مركز ملوي في محافظة المنيا – تسعى خلف مواجهة تحديات الإعاقة التي لحقت بها منذ طفولتها.
تخرجت سُمية بهاء نصر، 41 عام، في كلية الدفاع المدني دفعة 52 بأكاديمية ناصر للعلوم العسكرية، بعدها بدأت عملها العام كمتطوعة في الهيئة القبطية الإنجيلية عام 2005، ونظرًا لاحترافها ممارسة الألعاب الرياضية فيما بعد، باتت تفضل أن يناديها الناس بـ"كابتن سُمية".
تقول لـ "المنياوية" أن ميولها تجاه ممارسة الرياضة ظهرت في الصغر، ولكن مع بلوغها سن الثالثة تعرضت لإجراء طبي حصلت بموجبه على جرعة علاج بالخطأ فأصابت عصب القدم، لتضطر إلى الاعتماد بجهاز طبي بدونه لا يمكنها المشي.
وتعلق قائلة: "بدأت المدرسة تستبعدني وتعزلني عن زملائي في الطابور الصباحي والإذاعة المدرسية، لأن إدارة المدرسة كانت تعتقد أن هذا سيساعدني بطريقة ما، وأن حضور أنشطة الطابور وغيرها سيكون جهدًا إضافيا وإرهاقًا لي، ولكنني رفضت ذلك".
ظلت "سُمية" تقاوم العزل، وشاركت في مسابقة رياضية لألعاب القوى بالمدرسة وحصدت مركزًا متقدمًا، ومن وقتها – وفقًا لقولها - صارت رسالتها في الحياة تغيير نظرة المجتمع لكل شخص يعاني من إعاقة أو مختلف عن أقرانه.
وقد استكملت مشوارها مع عالم الرياضة وتقول: "بدأت بالبحث عن الأنشطة الرياضية المخصصة لذوي الإعاقة منذ 14 عامًا، ووجدت نفسي أميل تجاه رمي الرُمح ضمن رياضات ألعاب القوى، وبعد محاولات مع المدرب الذي كان يريدني ممارسة رياضة تنس الطاولة بوصفها لعبة فتيات على حد وصفه، أقنعته بقدرتي على ممارسة لعبة الرُمح".
واستطاعت "سُمية" حصد عدة مراكز في اللعبة، إذ دخلت أول بطولة وهي بطولة الجمهورية لألعاب القوى لذوي الإعاقة، وحصلت على الميدالية البرونزية ثم الذهبية واستكملت حصد المزيد من الميداليات ضمن مشاركاتها مع فرق اللجنة البارلمبية المصرية، تقول: "للميدالية الأولى في حياتي مكانة خاصة في القلب.. وطموحي لا سقف له".
وبوصفها من أبناء "الجنوب" ترى "كابتن سُمية" أن محافظات الصعيد تفتقر للأندية التي تهتم بذوي الإعاقة، وتضيف: "لا يوجد نادي واحد لهم في المنيا، وأية تدريبات ننظمها تكون في مدرسة الثانوية العسكرية بشارع طه حسين وهي غير مجهزة وملعبها غير مخصص لرمي الرُمح".
وناشدت "سُمية" الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، إعطاء نظرة إلى الأندية الخاصة بذوي الإعاقة، مضيفة: "سمعت منذ فترة بوجود قرار بإنشاء نادي لمتحديّ الإعاقة على مساحة 10 أفدنة في مدينة المنيا الجديدة ولم أره حتى الآن".
وكممثلة عن ذوي الإعاقة داخل المجلس القومي للمرأة بفرع المنيا، لا تترك "سُمية" مؤتمرًا أو فعالية تستطيع فيها التحدث باسمهم إلا وتحضرها، ومنها مؤتمر "قادرون باختلاف" الذي أقيم في 28 ديسمبر الماضي، حيث ناقشت خلال المؤتمر مع الرياضيين من ذوي الإعاقة أزمة غياب فرص الالتحاق لهم في كليات التربية الرياضية، وطالبت بحقهم في دخول هذه الكليات.
كما شاركت في وضع نصوص القانون رقم 10 لسنة 2013 الذي يخص ذوي الإعاقة ، موضحة أن المسمى الصحيح لهم هو ذوي الإعاقة وليس ذوي الهمم أو ذوي القدرات فهذا خطأ؛ لأن كل شخص لديه همة، وأيضًا مصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة خطأ؛ لأن كل شخص لديه احتياجات معينة، ولا يصح حتى أن نقول متحديّ الإعاقة لأن الإعاقة ليست أمر سئ حتى نتحداها، هكذا تقول.
واستدلت "كابتن سُمية" بالاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في 2007 أيضًا، معتبرة أن القانون الحالي أحد امتدادات توقيع مصر على هذه الاتفاقية.
و"سُمية" تشغل منذ عام 2016 منصب رئيس لجنة المرأة وذوي الإعاقة في فرع المجلس القومي للمرأة بالمنيا، ومن خلال هذا تستطيع تقديم عدة خدمات، تقول: "أحاول قدر المستطاع وضع ذوي الإعاقة والنساء في أجندة الاهتمامات، حيث قدمنا من خلال المجلس ماكينات خياطة للسيدات من ذوي الإعاقة بقرية "هور" التابعة لمركز ملوي بهدف مساعدتهم على توفير مصدر دخل مناسب".
ولم تحقق هي إنجازات رياضية فقط، بل سافرت أيضًا عام 2007 إلى سويسرا وشاركت في مسابقة ملكة جمال العالم لذوي الإعاقة، وحصدت المركز الثاني كوصيفة ملكة جمال المسابقة، على الرغم مما واجهته من رفض واعتراضات الأهل، لكن هذا سرعان ما تحول إلى فخر بها ودعم مستمر، حين تحدثت عنها وسائل الإعلام.
وتأمل سمية بهاء في إنشاء مصنع للأجهزة التعويضية بالمنيا، وأن يكون بالمجان لذوي الإعاقة وأن تُشكل قوته العاملة منهم؛ لأنهم الذين يعلمون باحتياجاتهم ومن يكونون على دراية أكثر بالأجهزة المناسبة لهم، معلقة: "ساعات بيكون الجهاز بتاعي فيه مشكلة ويكون عندي الحل للتعديل فيه حتى يصبح أريح، ولكن لم أجد المصنع المناسب الذي يساعدني في المنيا".