أن يكون فانوس رمضان مصنوعًا من الصاج أو الخشب هو أمر معتاد، لكن أن تكون مادته الأساسية هي «جريد النخل» فهو شيء مختلف، يدلل على أن وراء تلك الصنعة فنان محترف تصنع يداه كل ما هو جديد.
داخل ورشة صغيرة في المنيا، تتوسطها لافتة وبعض ورق الجريد والمعدات، يجلس عم يحيى، صانع مستلزمات مختلفة من جريد النخل، يدون على اللافتة كلمات تشبهه وهي: «يأتي الفنان من حيث لا تتوقع»، إذ عاش 40 عامًا في حب تلك الحرفة وبين الجريد.
يؤمن عم يحيى بفنه الخاص، لذلك يبدأ عمله منذ الصباح الباكر حتى المساء، مدفوعًا بحب العمل والفن والحرفة التي ورثها منذ 40 عامًا من والده: «منذ ولادتي وأنا أجد أبي يعكف على العمل بتلك المهنة، لذلك أحببتها كثيرًا، وصنعت أول فانوس وأنا عمري 6 أعوام، ثم بدأت أصنع كل الأشياء من الجريد مثل الكراسي والطاولات والأقفاص».
يأتي شهر رمضان، ويبدأ عم يحيى يفكر كيف يصنع من الجريد أشياء مناسبة للشهر الكريم؟، ووصل إلى صناعة فانوس من الجريد: «يفضل الأهالي الفانوس الديجيتال الحديث، والفانوس الصيني هو المنتشر».
رغم ذلك، يؤكد عم يحيى أن البعض ما زال يشتري منه فانوس الجريد، إذ يبلغ سعره 10 -15 جنيهًا فقط: «أعمل بالطلب بحيث يضع كل زبون مواصفات الفانوس الذي يريده، لكن الإقبال على ذلك النوع قليل وسط كل الأنواع الحديثة الأخرى».
يضيف: «مهنتي ليست عشوائية بل فن ولها مذاق هندسي، والبعض ينبهر بتلك الصناعة لأنهم لا يعرفون شيئًا عن الجريد، لذلك مخرجاتي تلقى إعجابًا وتحديدًا الفانوس لأن صناعته تمر بمراحل عديدة».
يتحدث عن تلك الصناعة: «أول مرحلة هي تقطيع المقاسات بشكل هندسي ومقصات محسوبة، ثم تخريم الجريد وتداخله في بعضه، دون الحاجه إلى مواد لاصقة، ثم مرحلة تجميع القطع السابقة، وهي مرحلة تحتاج إلى تركيز شديد».
يتسطرد: «لا يستطيع أي شخص العمل في الجريد لأنه يحتاج إلى دقة وممارسة وهناك أسرار للصنعة والمراحل التي تمر بها، والكثير من الأهالي لا يتوقعون أن جريد النخيل يخرج منه كل هذا الجمال».
يحلم عم يحيى بالمشاركة في معارض عربية، حتى يعرف الأجيال الجديد على تلك الصناعة لم تحظ باهتمام، رغم أنها لا تقل أهمية عن أي فن أو حرفة حالية.