من أمام شاطئ قرية زاوية سلطان في المنيا، اتخذ مرعي كامل عادل، عشًا صغيرًا، يخوض منه رحلته مع الحياة، كصياد للسمك ثم تاجر، منذ أن تسلم الراية من والده بعد وفاته.
لم يرث مرعي المهنة فقط عن أبيه، بل كان حبه للصيد دافعًا لاستكمال طريقه مع السمك، والذي بدأه في سن العاشرة مساعدًا لوالده في الصيد واستقلال القوارب.
يضيف: “بالتدريج تعلمت كيفية التعامل مع الشباك، والتقديف على القارب الذي يملكه أبي".
لم يتخل مرعي عن المهنة الممتدة أسرارها من جده لأبيه، ذاع صيته في زاوية سلطان، وصار له طقس يومي امتد عشرين عامًا، إذ يخرج للصيد من الساعة الثامنة صباحًا إلى الواحدة ظهرًا.
يبدأ مرعي يومه بتجهيز أدوات الصيد: “البرنيك، الميزان، المكاييل، الشنط”، بينما يجهز له الأبناء إفطاره وكوب الشاي.
وبعد هذه السنوات حول مرعي مهنته من الصيد إلى شراء السمك من زملائه الصيادين، إذ ينتظرهم أمام الشاطئ ويشتري منهم ما يجود به النهر من السمك، ثم يحفظها في "البرنيك" تمهيدًا لبيعها للزبائن بعد ذلك.
يرى مرعي أن التجارة في الأسماك تُحقق له ربحًا كبيرًا لذا ترك مقابلها الصيد بنفسه، خاصة وقد أصبح معروفًا في القرية في بيع الأسماك الطازجة، بل يأتيه الزبائن من كل مكان في المحافظة.
ويعول مرعي خمسة أبناء، منهم ثلاثة لازالوا في التعليم، وكلهم يسكنون في منزل بجوار "العشة" التي يملكها على ضفاف نيل القرية التابعة لمدينة المنيا، والثلاثة يعاونونه في مهنة بيع السمك، إذ يقومون بتنظيف الأسماك ووزنها، ويستمرون في صحبته في "العشة" لحين انتهاء يوم عمله.
وفي شراء السمك طازجًا منطق له وجاهته عند مرعي، يقول: “لا أبيع السمك المجمد، بل السمك الصابح، لا أحد يعرف مصدر المجمد هل تم اصطيادها بالصعق بالكهرباء أو إلقاء الكلور في المياه، وهذا النوع من السمك لم يضرني في تجارتي؛ لأن الناس تعرف قيمة السمك الصابح".
يضيف: “حين يتوفر لي كمية سمك كثيرة من الصيادين، أذهب للسوق لبيعها كلها، وأفضل مواسم صيد السمك هي الشتاء".
ويرى مرعي أن أكبر النعم في مهنته هو السكن على ضفاف النيل، إذ يشعر بالهدوء والاستقرار والراحة، وذلك على الرغم من أثر الغلاء على مهنته.
يقول: “مصروفات الدراسة وأسعار السلع مرتفعة جدًا، واشتري السمك بسعر أعلى من الصيادين، ثم أبيعها بسعر أغلى للزبائن الذين يعترضون للأسف".
كل هذا لم يقلل من طموح مرعي في إنشاء مزرعة سمك في قريته، وفتح أكثر من محل لبيع الأسماك، يقول هذا بينما يرى الشمس وقد غربت، فيما هو يحمل أدواته وحقيبته مستعدًا للعودة إلى المنزل.