في أتوبيس يمتلئ بالمتطوعين، اتجهت إلى ميناء "أرقين" وهو أحد المعابر الحدودية البرية على الحدود المصرية السودانية، نصطحب معنا كمية من المساعدات الغذائية مثل: “العصائر والمياه" لتوزيعها على المارين بالمعبر سواء من السودانيين وهم الأغلبية أو المصريين العائدين من هناك، والذين يشتركوا جميعًا في الفرار من الأشتباكات الواقعة داخل #السودان الآن.
تستغرق المسافة من مدينة #أسوان إلى المعبر الحدودي ما يقارب 4 ساعات سيرًا بالأتوبيس، في طريق غير مزدحم تقريبًا مقارنة بالاتجاه المقابل المتجه من المعبر إلى أسوان نفسها أو إلى المحافظات المصرية الأخرى، والذي زاد أعداد الأتوبيسات عليه منذ بداية الاشتباكات لتتناسب مع زيادة أعداد العابرين إلى مصر عن المعدل الطبيعي السابق، عدد محدود منها يتبع مبادرات مجتمعية تنقل القادمين مجانًا والأكثرية تنقلهم عبر تعريفة خاصة "أجرة".
كانت المرة الأولى التي أزور فيها المعبر، الذي يتوسط منطقة صحراوية تمامًا، يتكون المعبر نفسه من صالتي سفر وساحة للشاحنات والسيارات والأتوبيسات وطريق آخر لمرور الجمال ورؤوس الماشية، وتبلغ سعته الاستيعابية العادية لألفيّ مسافر تقريبًأ و300 شاحنة على مساحة تبلغ 13 ألف متر مربع، لذا بمجرد أن تطأ أقدامك هناك، أول ما يلفت نظرك هو الزحام الشديد، وذلك بسبب استغراق إجراءات الدخول لوقت أكبر من المعتاد مع الأعداد الكبيرة القادمة.
ويبرز هناك دور فرق العمل التابعة للهلال الأحمر المصري لتقديم المساعدات الطبية أو الغذائية للواصلين إلى جانب سيارات الإسعاف، الذين يوفرون التدخل السريع خصوصًا الطبي، سواء ممن هم بحاجة إليه بالفعل، أو المتأثرين بسبب طول ساعات الانتظار وفترات السفر الطويلة، بعض شهادات الواصلين تقول إنها تصل إلى يومين على الأقل في المعبر، أحد الواصلين أخبرني أن له أصدقاء منذ 4 أيام ولم تنتهي إجراءاتهم بعد، خصوصًا مع التكدس العددي.
تقضي التعليمات بأن تنتهي رحلة الأتوبيس القادم من السودان عند محطة كركر، التي تبعد عن الميناء بما يقارب 3 ساعات، يترجل منها مريديها، وتعود هي إلى السودان مرة أخرى، بينما يبدأوا هم في شق رحلتهم الثانية إما إلى أسوان أو المحافظات الأخرى أو إلى القرى القريبة من المحطة التي بدأت في فتح أبوابها للقادمين للإقامة، خصوصًا ممن لا يملك تكلفة الانتقالات أو الإقامة الأخرى.
يتّفق عادةً الفارّين من الاشتباكات مع الأتوبيسات أن تنقلّهم من السودان عبر المعبر وصولًا إلى محطة كركر التي يتمركز فيها وسائل الانتقالات الأساسية، إلا أننا وجدنا مجموعة من الأسر التي وصلت إلى المعبر إما سيرًا أو بوسائل انتقال توقفت بها عند المعبر من الجانب السوداني.
عدد محدود جدًا من الأتوبيسات كان موجود عند المعبر لنقل هؤلاء مجانًا، حمل الأتوبيس الذي كنت فيه عدد من الأسر عائدين بهم إلى أسوان، على أن يتخذوا هم قرارهم بمحطتهم المقبلة فيما بعد، ورغم محاولاتنا فتح الحديث منهم إلا أننا شعرنا أنهم يفضلون الصمت، فصمتنا نحن أيضًا احترامًا لرغبتهم، وكانت هذه تقريبًا الحالة العامة لأغلب الأسر الواصلة، التي بدا عليها الإرهاق والحزن، وإن انخفض القلق والتوتر مقابل الشعور بالأمان.
ورغم أن الوضع الآن يعتمد على الانتقال من المعبر إلى المحافظات المصرية المختلفة، إلا أنك تجد على أبواب المعبر المصري أيضًا من يريد الدخول إلى السودان وإن قلت أعدادهم كثيرًا مقارنة بالقادمين. في الأتوبيس معنا كان هناك سيدة شابة، أخبرتني أنها قادمة من الإمارات التي تعمل فيها، تتوجه إلى السودان للإطمئنان على عائلتها وتوفير تكلفة انتقالهم إلى الخارج. قالت لي أنها ستحاول العودة إلى هنا مجددًا وتأمل أن ينجح الأمر رغم كل ما فيه من مخاطر تسمع عنها من صعوبات الوصول إلى المعبر.
تواجد المساعدات - وإن كانت بسيطة ترتكز على المياه والمواد الغذائية الجاهزة- تعود أهميته بالأساس إلى ارتفاع أسعارها سواء في منفذ البيع داخل المعبر، الذي يعتمد على الأسعار السياحية أو حتى المنافذ المنتشرة على الطريق الصحراوي من المعبر إلى كركر أو إلى أسوان، التي تستخدم أيضًا أسعارًا سياحيًا.
استقر اتوبيسنا نحن عائدًا إلى أسوان، أخبرتنا الأسر التي كانت معنا أن لهم أقارب سيساعدونهم في الإقامة، بينما توجهت اتوبيسات أخرى إلى القاهرة.
ولا يوجد عدد رسمي معلن لأعداد القادمين إلى مصر عبر المعبر الحدودي "أرقين" حتى الآن، وكان آخر بيان أصدرته هيئة الموانئ البرية قد أوضح أن الأعداد حتى 25 أبريل الماضي وصلت إلى 8897 من مختلف الجنسيات، بينما أعلنت وزارة الخارجية المصرية أمس أن أعداد الطلاب المصريين وحدهم الذين وصلوا إلى مصر بلغت 6960 مواطن.