يُعد موقف كركر الدولي آخر محطات جميع الأتوبيسات القادمة من السودان، تحمل معها الفارّين من الاشتباكات هناك الجارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، منذ منتصف أبريل الماضي.
هنا يترجل الجميع، ويبدأ كل ذي رحلة رحلته، سواء من يتجه إلى أسوان، أو إلى محافظات أخرى، أو مقررًا التوجه إلى الخارج.
ويستوعب موقف كركر – الذي تم تشغيله في سبتمبر 2018 - في الأساس حوالي 29 باكية للسيارات "الملاكي والليموزين"، و10 باكيات لسيارات الميكروباص، و10 أخرى للأتوبيسات والحافلات السياحية، بالإضافة إلى 8 محلات و"سوبر ماركت وكافيتريا".
كما يضم الموقف الذي تكلف 25 مليون جنيه لتطويره، 5 "موتيلات" للإقامة والمبيت.
على أرض الواقع، المشهد في الموقف حاليًا مختلف قليلًا، فالموقف الدولي تشغيله كان يستهدف أن يكون ساحة توقف للأتوبيسات الواصلة من السودان أو المتجة إليها من مصر، ووقت تشغيله في 2018 قال رئيس قرية كركر أنه يستوعب 15 رحلة يوميًا تقريبًا.
أما الآن، فمن يذهب إلى الموقف، سيجد أنه يزدحم ليس بالركاب ذهابًا وإيابًا كما كان مقررًا، بل بالمتطوعين من الجمعيات والمؤسسات والجهات التي ترتكز هناك، لتقديم الدعم لكل الفارّين من الاشتباكات السودانية.
المساحة الاستيعابية للموقف الآن لا تستوعب أعداد الأتوبيسات المتوافدة؛ لذا تجد عدد منها متوقفة خارجه.
كما تجد داخل الموقف، فرقًا من الأطباء والتمريض في عيادات الموقف الثابتة وعيادات متنقلة أخرى وفرتها المحافظة والهلال الأحمر المصري، لتقديم الخدمات الطبية، ويرتدي جميعهم أطقم تميزهم كفرق طبية، وذلك وفقًا لقرار محافظ أسوان، وهناك أيضًا غرفة عمليات يتم تطهيرها وتعقيمها بانتظام، كما يوجد بعض الاستشاريين النفسيين لتقديم الدعم النفسي لمن يحتاجه من النازحين، وأيضًا تم توفير مطبخ للوجبات الساخنة والجافة التابع لمؤسسة "خير بلدنا”.داخل الموقف الدولي، تشعر أن كل الناس يتسابقون ويتنافسون في تقديم العون، فهناك عشرات المتطوعين من أكثر من جهة أو جمعية مثل "الأورمان" و"خير بلدنا" و"حياة كريمة" و”100 مليون صحة" و"الكشافة" و"سند شباب الصعيد"، وهناك أيضًا متطوعين أفراد جاءوا من القرى المحيطة لتقديم المساعدة، وخصوصًا قرية كركر النوبية، وهي الأقرب للموقف، التي جاء منها أيضًا أصحاب "التوك توك"، يقومون بنقل المساعدات إلى الأتوبيسات المنتشرة على مساحة الموقف والتي تصل إلى 7 أفدنة، ودون أن يؤثر عليهم حرارة طقس أسوان التي بدأت في الارتفاع الآن.
ويحرص المتطوعون هنا على عدم تصوير عمليات توزيع المساعدات حرصًا على الخصوصية، ولعدم استغلال الموقف.
ورغم ما يغلُب على هذا المشهد من صورة جيدة، إلا أنه لم يخلُ من محاولات بعض سائقي الميكروباصات - المتجهة من الموقف إلى مدينة أسوان - لرفع أسعار التعريفة، بل والاتفاق على مبلغ إجمالي أكبر من قيمة التعريفة المقررة، فالسعر قبل بداية الاشتباكات كان 20 جنيهًا للفرد، وبإجمالي 280 جنيهًا للسيارة، أما الآن، فهناك البعض ممن استغل الأزمة، وارتفع سعر السيارة إلى 700 جنيهًا، بل وهناك من يطلب أكثر من ذلك.
ونظرًا، لأن الأمر يأتِ بالاتفاق بين الأسر الواصلة وأصحاب الميكروباصات أنفسهم؛ فلا يوجد سيطرة عليهم وتقنين لذلك حتى الآن، وهو ما تحدث عنه البعض سواء من المتطوعين أو الأسر، خصوصًا أنه ليس كل القادمين إلى مصر، استطاعوا أن يكون لديهم فائض مالي كبير، كما أن البعض منهم جاء للحصول على العلاج الطبي، ومقررًا أن يعود إلى السودان مرة أخرى من جديد.