مساحات العمل المشتركة بسوهاج.. "مُذاكرة خمس نجوم"

تصوير: جومانا سريان وجيسيكا عبدالمسيح - عدد من الطلاب أثناء مذاكرة دروسهم بمساحة عمل مشتركة بسوهاج

تجذب مساحات العمل المشتركة الطلاب بمختلف الأعمار نظرًا لتمتعها ببعض الخدمات التي تُدعّم أجواء يُفضّلها الطلاب أثناء استذكار دروسهم، فيما تُقدّم تلك الخدمات بأسعار معقولة بالنسبة لهم.

متنفس جديد خلقته مساحات العمل المشتركة، ليعوض شيئًا من غياب المكتبات العامة عن قرى سوهاج، ففي محافظة تبلغ مساحتها 11022 كيلومتر مربع لا توجد سوى مكتبتين عامتين ويقعان في مدينة سوهاج فقط.

تشجيع على المذاكرة

غياب المكتبات كان سببًا في اعتماد ميرولا جورج، الطالبة بالثانوية العامة، على مساحات العمل المشتركة، حيث تستطيع التركيز بشكل أفضل أثناء استذكار دروسها.

"مستوى تركيزي بمساحات العمل دائمًا ما يكون أفضل مقارنة بالمنزل، حيث يضيع معظم وقت المذاكرة وسط كثرة المشتتات الموجودة داخل المنزل"، تقول ميرولا ، وتضيف: "ذهابي مع صديقاتي يحفزني بشكل أكبر، خصوصًا أننا نستطيع طرح الأسئلة التي تقف معنا مع بعضنا".

ومن حيث أسعار هذه الأماكن فترى ميرولا أنها مُناسبة بالنسبة للخدمات التي توفرها.

ترى والدة ميرولا جورج، أن هذه الأماكن مفيدة لبعض الأشخاص الذين لا تتوافر لهم أماكن مناسبة تناسب جو الاستذكار، أو في الوقت الذي يتخلل الدروس ويصعب فيه العودة إلى المنزل.

تحدد غالبية مساحات العمل بسوهاج متوسط 5 جنيهات للساعة الواحدة داخل مساحة العمل، فيما يلجأ مُدراء مساحات العمل المشتركة في معظم الأوقات إلى تقديم عروض لتقليل سعر الساعة، في حالة زيادة عدد الساعات التي يقضيها الشخص، وبعض المساحة تقدم عرضًا مع زيادة عدد الساعات عن 5، إذ يدفع الشخص ثمن مجموع هذه الساعات، وتُعد أي ساعة زيادة مجانية.

توفر بعض الأماكن ميزة الاشتراكات شهريًا، حيث يكون سعرها متوسط ما بين 100 إلى 200 جنيهًا وتُدفع شهريًا.

مساحات عمل هادئة

يرى عبد الرحمن حازم، طالب بالفرقة الثالثة كلية تجارة لغة عربية، أن مساحات العمل المشركة توفّر الهدوء الذي يفتقده في المنزل، فبحسب حديثه فإن المنزل به مشتتات كثيرة؛ منها تلبية طلبات الأهل بشراء احتياجات المنزل أو تبادل الحديث معهم أو الشجار الذي يحدث بين الأخوة.

ويحدد حازم معايير اختيار المكان الذي يقضي بها وقته لاستذكار دروسه، فأولها يكون عامل الهدوء، ويُفضّل طالب كلية تجارة استذكار المواد العلمية التي تحتاج إلى التركيز الشديد خارج المنزل، ففي تلك الأماكن لا يشعر بالإرهاق، حيث أن تلك المساحات تخلو من وجود السرير، الذي يُشعره وجوده فقط بالنوم، مما يُمكّنه من إنجاز مهامه في ساعة بدلًا من 5 ساعات.

وفي حالة استذكار المواد النظرية فمن العادي أن يستذكرها في المنزل لأنه يحتاج إلى قراءتها فقط.

يبحث الطلاب عن هدوء وإضاءة جيدة وشبكة إنترنت قوية خلال وقت المذاكرة، وهو ما تُوفرّه مساحات العمل، بالإضافة إلى خدمات تقديم المشروبات والأطعمة الخفيفة التي تُضفي تميزًا مختلفًا عن المكتبات العامة والنوادي التي تفتقد هذه الخدمات، لذا يزداد الضغط على مساحات العمل المشتركة أثناء وقت الامتحانات.

فيما تضيف حرارة الصيف ميزة جديدة لمساحات العمل التي توفر مكييفات لتبريد الهواء، في المحافظة التي سجلت أعلى درجات حرارة على صعيد الجمهورية خلال صيف 2024.

الهروب من ملل المنزل

الأمر يختلف قليلًا بالنسبة لنورسين عماد، طالبة بالمرحلة الثانوية، فالمذاكرة داخل المنزل تشعر براحة أكبر، لكنها تذهب إلى الأماكن المشتركة عندما تشعر بالملل.

تقول أن هناك فارق كبير بين المذاكرة في المنزل وخارجه، تقول" أشعر براحة أكبر داخل المنزل ولكن أذهب إلى هذه القاعات عندما أشعر بالملل”.

وتقول مريم وديع، مدرسة لغة انجليزية ووالدة نورسين، إنها اعتقدت في البداية أنها أماكن للترفيه، لكنها أدركت بعد ذلك مدى مناسبة تلك المساحات للمذاكرة، مع ذلك فهي تُفضّل المنزل لأنه أكثر هدوءًا، أما بالنسبة لتكلفتها المادية فتقول إنها ليست مُكلّفة بالنسبة للخدمات التي تقدمها.

مرونة التعامل

وتعتقد أميرة عمر، طالبة بالصف الثالث الثانوي علمي علوم، أن مساحات العمل المشتركة تساعد في تنمية مهارة مرونة التعامل مع مختلف الشخصيات، نظرًا لتواجد كثير من المشتركين داخل تلك المساحات.

وبالنسبة لأميرة فإنها تستطيع المذاكرة في الحالتين لكن يُشجّعها على المذاكرة في مساحة العمل أكثر تواجد زملاء من نفس عمرها بالمكان.

وبالنسبة لموقف عائلة أميرة، فتقول الطالبة "في البداية لم تُعجبهم الاستذكار خارج المنزل، لكن عندما لاحظوا أن إنتاجيتي تكون أعلى تغير موقفهم".

من ناحية أخرى ترى نعمة الله رجب أبو حجي، اختصاصية اجتماعية بمدارس جيل المستقبل، أن فكرة مساحات العمل المشتركة جيدة ومختلفة لبعض الطلاب، فضلًا عن أن تغيير مكان الاستذكار يجعل حالتهم المزاجية أفضل لأنهم أحيانًا يشعرون بالملل من المذاكرة في المكان الذين اعتادوا عليه مما يُفقدهم تركيزهم.

ومن الناحية الإنتاجية تقول نعمة إن الأمر يختلف من طالب إلى آخر حسب شخصيته وما يُفضّله، فبعض الطلاب لا تستطيع مذاكرة دروسها إلا في غرفتها الذين اعتادوا عليها وبنفس الشكل وطريقة الجلوس نفسها، ومن وجهة نظرها الشخصية لا تُفضّل الاختصاصية الاجتماعية تلك الأماكن كثيرًا وتراها مضيعة للوقت، كما ترى أن فكرة الالتزام بعدد معين من الساعات تُجبر الطالب على النظر إلى عدد الساعات المُتبقي له، وليس التركيز على المذاكرة.

غرفة هادئة في المنزل أفضل

ويرى مجدي محروس وهيب، مدرس علم الأحياء بمدرسة السلام الخاصة بمركز أخميم بسوهاج، أن الاستذكار خارج المنزل قد يفيد الطلاب الذين يتعرضون لضغط من أهلهم قد يتمثّل في اقتحام غرفتهم كل فترة للتأكد من استمرارهم في المذاكرة رغم أن ذلك يؤدي إلى تشتيتهم.

ويعتقد المدرس أن النسبة الأكبر من الطلاب يحتاجون للرقابة من الأهل حتى يصبحوا منضبطين وملتزمين، وفي الوقت ذاته يرى ضرورة توفير الأهل لغرفة هادئة لابنهم، مُفضلًا ذلك عن بقائهم في الخارج لساعات طويلة التي تضطرهم لتناول طعام الشارع غير الصحي.