على خشبة مسرح مدرسة سيتي.. 11 مدرسة في سوهاج تُظهر مواهبها الدفينة

تصوير: رحمة أشرف - مسابقة الفنون المسرحية في سوهاج

كتب/ت رحمة أشرف
2024-04-30 15:40:03

استعرض طلاب مدارس محافظة سوهاج إحدى عشر مسرحية، مساء الإثنين الماضي، تنوعوا في أدائهم وأظهروا خلالها قيمًا ومبادئ وعادات أصيلة، فيما ازدحمت القاعة بمدرسة سيتي الخاصة بمدينة سوهاج، بجمهور من أولياء الأمور وعددًا من قيادات التربية والتعليم، لمشاهدة المواهب المسرحية في مسابقة الفنون المسرحية. 

وكانت قد شاركت 11 مدرسة تابعة لمراكز البلينا وأخميم وطهطا وسوهاج، للمنافسة في مسابقة الفنون المسرحية التي تقام على مستوى المديرية. 

طفل الأقدار

وجاء العرض الأول المُسمى "طفل الأقدار"، تجسيدًا لحكاية من العصر الفرعوني، تمزج بين السحر وتحدي الأقدار، وفيها يُمسك الفرعون بصولجانه بكل قوة، مُعتقدّا أنه يستطيع تحدى القدر، فيما تكمن مشكلة الطفل الصغير الذي أتت له رؤيا بأنه سيحكم بدلًا عنه، وبكل ثقة يعتقد الفرعون أنه يستطيع تحدي القدر محاولًا قتل الطفل، ولكن تشاء الأقدار أن يكون على قيد الحياة ويحكم بدلًا عنه.

لاقت المسرحية تصفيقًا حادًا بعد انتهائها، إذ جسّد عبد الرحمن إبراهيم، الطالب بالمرحلة الثانوية بمدرسة أحمد زويل بمركز أخميم، دور الفرعون جيدًا، وقال في حديثه لـ"أهل سوهاج" إن حفظ الدور وتقمصه للاستعداد للمسرحية كان من أصعب الأشياء التي مر بها، خاصة أنه بدأ التدريب على المسرحية منذ أسبوعين، إلا أن دعم وتعاون الأصدقاء لتحقيق النجاح كان أكبر حافز  حتى يتجاوز كل التحديات التي كانت تواجهه. 

وتذكر مريم كمال إحدى المشاركات بالمرحلة الإعدادية،التي كانت تجسد  دور "مريت يعت" ابنة الملك  في المسرحية، أن اعتمادها على شريكها وقوة أدائه، كان من أكثر العقبات التي تواجهها، فدورها يعتمد بشكل كبير على ضبط أدائهما بشكل متوافق، ولكن تمرنها هي وشريكها على المسرحية لمدة شهرين ساعدهما على إتقان الدور، وتستطرد مريم في حديثها أن سبب دخولها للمسرح لرغبتها في أن تزداد جرأة وثقة بالنفس. 

آلام ذوي الهمم 

تلا العرض، مسرحية بعنوان "الأرزوزكسة"، وفيه كانت تتحرك بطلة العرض مبتورة اليدين بحركات عشوائية غير منظمة، وكانت تصرخ بصوت عالي تستنجد بوالدتها، مع تعالي أصوات داخل عقلها تخبرها أن تتخلى عن كل كلمات النقد الموجهة لها كشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة. 

تُعد المسرحية من نوع الـ"مونودراما" ويوضح العرض أوجاع ذوي الهمم، كما تقول مريم جميل بطلة العرض والطالبة بمدرسة برديس الرسمية للغات بمركز البلينا، موضحة صعوبة الدور، فقد استغرقت لاتقانه منذ بداية الترم الأول حتى موعد العرض.

بوابة الحلواني

وفي العرض التالي سكت الجميع، وعمّ الهدوء في المكان، إذ بدأ أفراد المسرحية في التحرك وراء ستارة رقيقة مصنوعة من القماش الأبيض المسلط عليها الضوء، حيث تبدو ظلالهم مواجهة للحضور، موضحين الطقوس المصرية والاحتفالات التي تميز الشعب المصري في  شهر رمضان، والعلاقة الوطيدة المرتبطة بين المسلمين والمسيحيين، ومقدار الترابط في مشاعر الحزن والفرح، هذا ما قام به طلاب مدرسة البلينا التجريبية للمرحلة الابتدائية في عرض بعنوان "بوابة الحلواني". 

تلاه عرض عن التحطيب أو لعبة العصا، ذلك الفن الشعبي الصعيد القديم، وأوضح محمد عبد العاطي، مدير ثانوي بمدرسة سيتي الخاصة، أنه كانت هناك معايير مطلوبة لاختيار الممثلين، فقد كانوا حريصين على أن يؤدي العرض فتى ذا بشرة سمراء وشارب وطويل القامة.

أهمية التعليم.. قيمة تقدم على المسرح

ولم يخلْ اليوم من عرض مسرحي استعراضي عن التعليم، إذ بدأ على نغمات أغنية "دا التعليم ياهوو" للممثلة دنيا سمير غانم، وهو عرض مقدم من مدرسة اللغات المتميزة الإبتدائية بمركز طهطا.

بعدها قدّم طالبات مدرسة ناصر الإعدادية بنات بقرية إدفا، مسرحية من نوع مختلف، إذ تحولت الفتيات إلى عرائس ماريونيت، وانقسمن إلى دمى قديمة وجديدة، ودار صراع بينهن، فقد أرادت عرائس الماريونيت الجديدة الفتك بالخيوط التي تتحكم في رقبتها ويديها، حتى تتحرك بحرية، فيما حاولت العرائس القديمة السيطرة عليهن، حتى لا يتحررن.

ومن بين المشاركات في العرض قالت منة الله عبد الستار، إن حبها للتمثيل دفعها لتجسيد الدور، وكانت تتمرن مرتين أسبوعيًا لمدة شهر، وقد واجهها عائق ضغط الدروس والمدرسة، لكنها اجتهدت للتنسيق بين التمثيل والمذاكرة. 

آه يا ليل يا قمر

من بين العروض المقدمة كان عرض "آه يا ليل يا قمر" الذي تناول مشاكل الشباب، وتدور أحداث المسرحية عن تعرض شاب للرفض، إذ تقدّم لخطبة فتاة ثلاث مرات، وتنتهي المسرحية بشكل تراجيدي، وتحاول المسرحية إيصال رسالة تحذيرية قوية حول التساهل قليلًا مع زواج الشباب بدلًا من إحباطهم.

وفي النهاية اختتم اليوم بعرض صامت عن الماء، حيث يتحرك أهل القرية على المسرح وصنبور الماء مفتوح، دون اهتمام أي مار بغلقه، ولم يكترث له أحد حتى عوقب أهل القرية باختفاء الماء وموت زرعهم، وكان العرض بعنوان "الماء سر الحياة" وقدّم من طلاب مدرسة متولي الشعراوي للمرحلة الابتدائية بمركز أخميم.

لا تهتم المسابقة الفنية بالفائز، بل الهدف هو ظهور عدد من المواهب المسرحية، بحسب ما قاله عاطف العجمي، مدير عام الأنشطة الثقافية والفنية على مستوى الجمهورية، في حديثه لـ"أهل سوهاج". 

واستطرد قائلًا إنه لا يُنظر للفائزين كمنافسين بين المدارس، بل بكونهم مواهب تُمثّل محافظة سوهاج، وعن معايير اختيار الفائز قال: "أداء الطالب والملابس والديكور والموسيقى". 

وفي رأي عاطف أن إحدى الأهداف من عمل المسابقة هو تكوين شخصية الطالب، إذ أن المسرح المدرسي يمنح الطالب الفرصة في تطوير مهاراته وصقلها، كما يُضيف له بعض القيم والمبادئ عن طريق المسرحية نفسه، وشبهه بـ"مسرح المناهج": "فهو مبني على التعلم عن طريق التمثيل". 

وذكر عاطف أن اختيار الفائزين على مستوى الجمهورية يكون عن طريق لجنة تحكيم في القاهرة، حيث يشاهدون تلك العروض مُصوّرة، ويحصل الفائز على شهادات وجوائز مالية.