بعد إعلان وزارة التربية والتعليم، خطة الهيكلة لمرحلة الثانوية العامة الجديدة، خلال الفترة الماضية، دُمجت مواد الفيزياء والكيمياء والأحياء للصف الأول في مادة واحدة تحت اسم "العلوم المتكاملة"، ليقف الطلاب المُقبلين على المرحلة في صدمة، بينما يظل مدرسو المواد الثلاثة في حالة من عدم الفهم لما سيحدث في المرحلة القادمة.
سنوات من تدريس المادة العلمية
بدأت شكرية طلعت -مدرسة فيزياء- في تدريس المادة منذ 1996، بعد أن تخصصت في مجالي الفيزياء والكيمياء في كلية العلوم، مما سمح لها بتدريس المادتين. عملت شكرية مدرسة كيمياء بالسعودية لمدة عامين فقط، وفي 1996 تعينت بمدرسة حكومية لتدريس الفيزياء، وقضت باقي سنواتها في هذا التخصص، إذ تقول "أنا مش فاكرة حاجة من الكيمياء، مجرد سنين الجامعة ودراستها سنتين فقط من خلال مناهج غير مصرية، بالتالي مش هقدر أدرّسها دلوقتي ضمن مادة العلوم المتكاملة، كمان أنا معرفش حاجة عن الأحياء".
ذلك ما ذكرته أيضًا مها السيد التي تعمل مدرسة للكيمياء منذ 20 عام، تعمل بإحدى المدارس الحكومية، وتخصصت أيضًا في الكلية بمجالي الفيزياء والكيمياء، وتعتقد مها أن بإمكانها فهم فيزياء الصف الأول، وتوضح بقولها "تحتوي المادة على أساسيات الفيزياء التي يمكن أن أتذكرها، وبإمكاني أيضًا العود إلى مراجع الكلية لأسترجع بعض المعلومات عن الفيزياء، لكن ستكون أزمتي الأساسية في الأحياء".
تلقّى محمد عفيفي -مدرس فيزياء- أسئلة عديدة من طلاب الدفعة الجديدة عن المادة وكان السؤال الأكثر رواجًا في "جروب واتس آب" الذي أعدّه للدروس الخصوصية للصف الأول، هو: "هنحجز عند مين يا مستر للمادة دي؟ مع حضرتك ولا مع مستر الأحياء؟"، لكنه لم يستطع الإجابة على أسئلتهم، فهو في نفس حالة التشتت وعدم وضوح الرؤية مثلهم.
في المقابل درست مها محمد مادة الأحياء لـ15 عام، وانتقلت بين مدارس عديدة حتى استقرت في مدرسة حكومية، وبعد 10 أعوام حصلت على التعيين بصعوبة بالغة، وما إن بدأت مها تشعر بالاستقرار حتى أطلّ عليها الواقع بقرار إعادة الهيكلة، وكان بمثابة أزمة بالنسبة لها، إذ أحسّت بالارتباك والتشتت مرة أخرى، دون وجود رؤية واضحة بسبب عدم إتاحة كتاب المادة لتذاكره وتستعد للعام حتى الآن.
المادة العلمية تحولت لسر
"ما المصير الآن؟" ذلك كان سؤال الأربع مدرسين، فحتى الآن لم تطرح وزارة التربية والتعليم كتاب المادة العلمية، فتقول شكرية "لو نزلوا الكتاب كنت هقعد أذاكره وأفهمه لمدة أسبوع أو أكثر قبل الدراسة، مش هبدأ الترم غير وأنا فاهمة، وكنت هستعين بزملائي مدرسين الكيمياء والأحياء، لكن الكتاب لسه منزلش وده حطنا في مشكلة أكبر".
قسّمت المدرسة التي تعمل بها مها السيد الفصول على مدرسي المادة، ليتحول كل مُعلّم مهما كان تخصصه لدراسة المادة لفصل واحد فحسب، بينما ترى مها أن في حالة تنفيذ خطة جديدة لابد الاهتمام بهم باعتبارهم الأطراف المُنفذة للقرار، وفي هذا الظرف ترى مها ضرورة تسليم المدرسين الكتاب قبل الطلاب، وتوجيههم باعتبارهم أول من سيُطبّق الخطة.
اتفق معها عفيفي ومها محمد، إذ يروا أن المنطقي توفير الوزارة للكتاب للمدرسين منذ انطلاق الخطة، كما يضيف عفيفي ساخرًا "الواضح إن الوزارة نفسها مش عارفة المنهج".
البحث عن الحلول
يراود شكرية كابوس الوقوف أمام الطلاب للشرح، وهي مرتبكة أو لا تستطيع شرح ذلك الجزء، فتنقل قلقها تجاه مادة العلوم المتكاملة بقولها "احنا هنبقى فُرجة للعيال واحنا مش فاهمين المادة ومش عارفين نشرح، هتبقى مهزلة واحنا بقالنا سنين بندرّس، وهنقف قدام العيال مرتبكين ومش عارفين المادة بتتكلم عن إيه؟".
تفكر مها السيد في اللجوء إلى زملائها في التخصصات الأخرى، للتعرف على المادة حتى تتخطى العام الصعب، حسب وصفها، واعتبرته حل بديل لجلسات التأهيل التي كان لابد أن تقدمها الوزارة، إذ توقعت أن تجمع الوزارة مُدرسي كل إدارة تعليمية، وتمنحهم جلسات تأهيل لتدريس المادة وعرضها "دي تعتبر مادة جديدة، حتى وإن كانت دمج بين التلات مواد، فيه أجزاء كتير هتبقى جديدة عليا وعلى غيرى، الطبيعي مع مادة جديدة كل إدارة تجتمع بمدرسينها وتنسّق بينهم تفاصيل المادة وتأهلهم ليها".
لا تفكر مها محمد في حل، فقط قد تلجأ لقراءة مراجع وفهم نظريات في الكيمياء والفيزياء، لتستعيد بعض المعلومات، وقد تستعين بزملائها في المدرسة، لكن ما تقلق منه نتيجة ذلك التخبط؛ وهو عدم تأسيس الدفعة الحالية جيدًا، بسبب عدم تمكّن المدرسين من المادة.
يرى عفيفي أن الحل الذي يلجأ له حاليًا، قراءة الكيمياء والأحياء المقررة على الصف الأول، في حالة أن المادة تجميع لتلك المواد سيكون تعرّف عليها واستعد لها، حتى تُوضح الرؤية مع بدء العام الدراسي.