في حي دار السلام، حيث لا يوجد مساحة لممارسة الرياضة، يُتابع شبابها أولمبياد باريس 2024 بشغف، ما بين شعور الحماس والغضب وأحيانًا الخُذلان والإحباط، تمتزج تلك الأحاسيس معًا مع كل جديد تُقدّمه البعثة المصرية خلال مشاركاتها في الحدث الأوليمبي المُستمر حتى 11 أغسطس القادم.
وسط زحام الدراسة وضغط العمل، يُصبح أولمبياد باريس بالنسبة لشباب دار السلام مُتعة كبيرة، خاصة في حال فوز أي من اللاعبين المصريين بميدالية، أو حتى إن أحرز تقدمًا على مُنافسه.
"كرة القدم.. الأساس"
منذ صغره ارتبط عبد الرحمن أحمد-22 عام- بكرة القدم، لذا كان من الطبيعي أن يُتابع الأولمبياد، فهي في رأيه اللعبة "الأهم"، كما أنها عابرة للطبقات الاجتماعية، وهو نفس السبب الذي جعل بسام محمد يُتابع الأولمبياد أيضًا، فضلًا عن ممارسته للألعاب القتالية في طفولته، مما دفعه لمتابعة الألعاب القتالية في الأولمبياد، بجانب رياضة السباحة.
قبل بدء الأولمبياد بنحو أسبوعين انتقد الرأي العام في مصر مشاركة لاعبة الدراجات شهد سعيد في الأولمبياد-بسبب واقعة إصابة تسببت فيها لزميلتها، مما لفت أنظار غير المُهتمين بالأولمبياد أيضًا للحدث الرياضي الدولي، ومن بينهم سلمى أحمد التي كانت تتابع الأولمبياد لأول مرة بسبب ذلك.
غضب من كلمة "التغيرات الفسيولوجية"!
الأزمات المرتبطة بالبعثة المصرية لم تنتهْ، إذ أثار غضب سلمى بيان اللجنة الأولمبية المصرية الخاص بلاعبة الملاكمة يمنى عياد التي استُبعدت بسبب زيادة وزنها 700 جرام، وقالت اللجنة في البيان أن اللاعبة "فوجئت بتغيرات فسيولوجية وهرمونية مفهومة لكل السيدات والآنسات والأطباء".
تداولت الشابة ذات الـ25 عامًا البيان مع صديقاتها للسخرية منه، بسبب عدم التصريح مباشرة عن كون تلك التغيرات هي "الدورة الشهرية"، وتقول سلمى "كأن مصطلح الدورة سر أو فضيحة".
وبسبب البيان استغربت سلمى إدارة البعثة المصرية للحدث، وتشكّكت في مدى قدرة إدارة البعثة على التنظيم "يعني ايه مش عاملين احتمال إن الوزن الرسمي للاعبة يكون شامل احتمالية الدورة الشهرية!".
استبعاد يمنى أثار غضب محمد أيضًا، فهو من محبي رياضة الملاكمة، ودُهش من عدم قدرة البعثة المصرية على عدم حساب أوزان اللاعبات بشكل يُناسب احتمالية تعرضهم للدورة الشهرية التي تزيد الوزن.
فرنسا المثيرة للجدل!
إثارة الجدل لم تقتصر فقط على إدارة البعثة المصرية للمشاركة، بل إن حفل افتتاح الأولمبياد نفسه، الذي أقيم في 26 يوليو، كان مُزعجًا لمحمد أيضًا، إذ تضمّن الافتتاح حفل راقص كان تجسيدًا للوحة "العشاء الأخير" الشهيرة للرسام ليوناردو دافنشي.
وضمّ الحفل الراقص إشارات إلى مجتمع الميم، الذي يُشير إلى المثليين والمثليات، إذ احتوى الحفل على راقصون يمثلون فئة المتحولين جنسيًا، مما أثار حفيظة كثيرين حول العالم، لاعتباره سخرية من الدين المسيحي.
انزعاج محمد كان بسبب تذكّره سخرية فرنسا من الإسلام في عام 2020، عندما نشرت رسومًا كاريكاتورية اعتبرها المسلمون مسيئة للرسول محمد، وأن تكرار ذلك السيناريو ليس جديد على فرنسا، لكنه مُزعج بسبب حدوثه في فعالية رياضية عالمية، تُعتبر جهة محايدة ومتقبلة لكل الأديان والمعتقدات.
فرحة أخيرًا!
بعدما زال الغضب والاستغراب، تابع الشباب منافسات الأولمبياد، نسوا جميعًا كم المشاعر المُزعجة بمجرد رؤيتهم للفرحة التي علت وجه لاعب سلاح سيف المبارزة، محمد السيد، حين فاز على خصمه المجري، تيبور أندراسفي، ليُحرز أول ميدالية لمصر في هذه الدورة "المشهد قشعرني جدًا.. كان بقالي وقت مشوفتش حاجة حلوة كده وكلها نجاح"، يقول أحمد، خاصة بعد رؤيته مشهد احتضان والده له عقب الفوز، وهو نفسه مدربه.
سيستمر أحمد في متابعة الأولمبياد حتى يوم الختام، مُنتظرًا مشاهد مصرية مُشابهة لمشهد فوز السيد، وهو نفس ما تمنته سلمى ومحمد الذي اعتبر النجاح المصري الرياضي يُزيد من فخره وشعوره بالأمل "فوز مصر في حدث عالمي زي الأولمبياد له طعم مختلف".