في نهاية شهر يونيو حجزت نور الهدى محمد الدروس الخصوصية، حتى تضمن مكانًا وسط آلاف الطلاب، وكانت بالفعل تلقت حصة واحدة في مادة اللغة الإيطالية، حتى تفاجأت الفتاة، الأربعاء الماضي، إعلان خطة إعادة هيكلة الثانوية العامة، لتصطدم تمامًا بخبر عدم احتساب اللغة الأجنبية الثانية ضمن المجموع، وحذف مادة الجيولوجيا.
لم يكن الخبر مفاجئ لنور لها وحدها، فبرفقتها آلاف الطلاب على مستوى الجمهورية، الذين صدمهم الخبر؛ فالخطة التعليمية تضمنت دمج الكيمياء والفيزياء تحت مسمى "العلوم المتكاملة"، واحتساب مواد أخرى نجاح ورسوب فقط، و تخصيص مادة الجغرافيا فقط ضمن الشعبة الأدبية، دون تدريسها للصف الأول الثانوي، كل تلك التغيرات أثرت على استعدادات الطلاب.
في الوقت الذي علمت فيه نور الهدى بالخبر كانت بمكتبها الذي تزينه أوراق ملونة ملصقة على الحائط، وكُتب عليه "كلية صيدلة في انتظاري"، تجمّدت نور للحظات ما إن باغتها خبر عدم احتساب اللغة الأجنبية الثانية، وأسكتت هاتفها المحمول الذي حمل زحامًا من إشعارات قادمة من مجموعات "واتساب" لمدرسي الثانوية العامة.
بعد التيقن من صحة الخبر تأكدت نور أنها لن تذهب لدرس الإيطالي مُجددًا. لا ترى الطالبة أن عدم احتساب اللغة الأجنبية الثانية وحذف مادة الجيولوجيا قرار جيد، فمن وجهة نظرها كانت تلك المواد سهلة وكانت تساعدها في رفع مجموعها، في حالة نقص درجات بالمواد الأصعب، فيما تقول "المعروف لسنين أن اللغة الثانية والجيولوجيا في العلمي والفلسفة في الأدبي هما مواد لجمع درجات علشان المجموع يكون أحسن، لأن منهجهم بسيط وفي أغلب الوقت امتحاناتهم متوقعة".
استعدادات لم تكتمل
استعدت أيضًا مريم هشام-شعبة علمي- للثانوية العامة بشراء كتب الجيولوجيا واللغة الألمانية بسعر يبلغ 400 نيه، إلا أن قرار وزارة التربية والتعليم الصادم جعلاها تخسر المبلغ المدفوع، إذ لم يوافق صاحب المكتبة استردادهما رغم عدم استخدامها لهما، إلى جانب محاولتها في استرجاع مبالغ حجز الدروس التي بدأت في الاستعداد لها منذ نهاية العام الدراسي السابق.
تكرر نفس السيناريو مع بلال محمد -علمي- فقد دفع 400 جنيه في كتب المادتين، وبدأ بالفعل في مذاكرة واستخدام الكتب، بالتالي لم يتمكن من محاولة إرجاعهم للمكتبة؛ وبعد استعداده للعام من خلال وضع جدول مذاكرة وجدول مواعيد للدروس، ألغيت تلك الخطة تمامًا، ذلك لكنه استرد مبلغ حجز الدروس.
على العكس منهم، لم تتمكن نعمة إبراهيم -أدبي- من استرداد مبلغ حجز الدروس، في ثلاث مواد؛ الفلسفة والمنطق، علم النفس وعلم اجتماع واللغة الثانية (إيطالي)، المبلغ الذي تخطى 1000 جنيه، لكن كان وعد المدرسين لها بإرجاعهم عند التأكد من القرارات وتنفيذها.
القرار يحطم آمال الدرجات الإضافية
لم يكترث محمد بكل ما يحدث، بل كان أكثر سعادة رغم تغير الخطة، بسبب رغبته في تكثيف طاقته في المواد الأهم، التي ستحدد مصيره، وفكّر في أن ذلك سيختصر عليه كثيرًا، وسيبذل طاقته في مذاكرة خمس مواد فقط.
لم تتفق معه مريم، إذ تقول "احنا اتشال من علينا المواد السهلة اللي بترفع المجموع، وبقينا في وش المواد الصعبة بس هي اللي بتحدد مستقبلنا، أنا حاسة باللخبطة ومش فاهمة المواد اللي المفروض أهتم بيها".
وسحبت أيضًا مبالغ حجز درسي الجيولوجيا والإيطالي، الذي بلغ 200 جنيه لكل مادة، وكانت الإيطالية هي اللغة الثانية التي اختارتها عن اقتناع، بحثًا عن خطة بديلة في حالة عدم دخول كلية صيدلة، وهي التوجه إلى أقسام الإيطالي بالكليات "دلوقتي مش عارفة لو مجاتليش صيدلة هاروح فين؟!".
خطط بديلة ضائعة
كانت الإيطالية أيضًا بالنسبة لنور مادة تحبها، كما أنها تستخدم المادة كلعبة في فترات الاستراحة بين أوقات المذاكرة، لكونها لغة بسيطة وطريقة تعلمها ممتعة حسب وصفها. أحبت أيضًا نعمة مادة الفلسفة "لما عرفت القرار استغربت، الفلسفة كانت بتعرفني حاجات كتير في شخصيتي وآراء الفلاسفة في الموضوعات المختلفة"، بينما كانت تتمنى مريم أن تدرس الجيولوجيا لأنها مجال معرفة يساعدها في التعرف ولو قليل على موضوعات مرتبطة بالدراسة في كلية الزراعة، التي تعتبرها خطتها البديلة.
يذكر محمد أنه رغم عدم اهتمامه بالمواد الملغاة، لكنه كان يهتم باللغة الفرنسية، لأنها تُكوّن معرفة مختلفة لديه، حتى وإن كان قراره عدم التوجه لدراسة الفرنسية في الجامعة فيما بعد.