دفع الفضول، حسام محمد، 32 عامًا، وهو يتابع أزمة فرض ضرائب على الهواتف المحمولة القادمة من الخارج في مصر، إلى وضع الرقم التسلسلي لهاتفه الآيفون الذي ابتاعه منذ ثلاث سنوات على تطبيق "تليفوني"؛ لمعرفة هل يدخل ضمن الهواتف المفروض عليها ضرائب أم لا؟.
تفاجأ حسام بوجود ضرائب جمركية بلغت 12 ألف جنيه على هاتفه الذي ابتاعه بسعر 20 ألف جنيه، أي أن الضريبة تجاوزت نصف ثمن الهاتف: “أنا لا أتجار في الهواتف واستطعت شراؤه من السعودية بسبب فارق الأسعار وبهدف الاستعمال الشخصي، ولا أعرف هل ستطبق تلك الضريبة عليه أم لا؛ لأن الأقوال كلها متضاربة".
ضرائب تليفوني تثير الجدل
الارتباك وعدم الفهم الذي أصاب حسام شكلّ حالة من الجدل في مصر خلال اليومين الماضيين، بعد إعلان وزارة الاتصالات فرض ضريبة بنسبة 38% على الهواتف المحمولة القادمة من الخارج، مع تحديد 1 يناير تاريخ تطبيق القرار؛ للحد من عمليات تهريب الهواتف المستوردة، وتشجيع الصناعة المحلية.
وأطلق الجهاز القومي للاتصالات تطبيق "تليفوني" يتيح لمستخدمي الهواتف المستوردة في مصر معرفة هل مفروض على أجهزتهم ضرائب أم لا بمجرد وضع الرقم التسلسلي، وفي حال وجود ضرائب عليهم يجب تسديدها خلال 90 يومًا حتى لا يتم إيقاف الشريحة.
لم يكن حسام حالة فردية، إذ أن الكثير من المواطنين تفاجئوا بوجود ضرائب مفروضة عليهم رغم أن هواتفهم دخلت مصر قبل هذا التاريخ بسنوات طويلة، وسط حالة من عدم الوضوح بشأن موعد فرض تلك الضرائب.
شعبة المحمول تحسم الجدل
يحسم محمد طلعت، رئيس شعبة المحمول باتحاد الغرف التجارية في القاهرة، الجدل حول توقيت تطبيق القرار، مبينًا أنه سيطبق على الهواتف القادمة إلى مصر بعد 1 يناير 2025 وليس بأثر رجعي، مفسرًا تلك الضرائب التي ظهرت للمواطنين على تطبيق "تليفوني" بأنها خطأ تقني.
يوضح لـ"صوت السلام" ضرورة تطبيق تلك الضريبة للحد من عمليات تهريب الهواتف في مصر، التي زادت خلال الفترة الأخيرة وتسبب خسائر للاقتصاد المصري، مبينًا أن الدولة تسعى إلى تشجيع الصناعة المحلية وهو ما يتعارض مع سيل الهواتف المستوردة الذي يدخل سنويًا دون فرض جمارك عليه.
تتكبد مصر شهريًا 100 مليون دولار خسائر الأجهزة المهربة بحسب تصريحات الدكتور شريف الكيلاني، نائب وزير المالية، خلال مؤتمر صحفي له، الخميس الماضي.
بينما ارتفعت إيرادات سوق الهواتف الذكية في مصر إلى 3.3 مليار دولار خلال 2024 إلى 3.3 مليار دولار، وفق مؤسسة "ستاتيستا" شركة ألمانية متخصصة في بيانات رصد السوق والمستهلكين.
تجار يتوقعون غلاء الهواتف
يتحدث وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء، عن الخسائر التي تتكبدها الدولة نتيجة تهريب الهواتف، بأنها تضيع حق الدولة في فرض الجمارك، وتحرم الخزانة العامة للدولة من الإيرادات الضريبية.
في الوقت ذاته، لا ينفي الخبير الاقتصادي، من أن القرار يزيد الأعباء المالية على المستهلك، لأن التاجر لن يتحملها وحده: "سيؤثر القرار على مبيعات الهواتف في مصر لأنها ستشهد غلاء ضخم، لا سيما أن 38% هي نسبة مرتفعة، وكان من الأفضل البدء بنسبة أقل".
نفس التوقعات أشار إليها أصحاب وتجار محلات الهواتف في منطقة دار السلام، إذ يؤكد حمزة محمد، صاحب محل هواتف مستوردة، أن السوق سيشهد ركودًا خلال الفترة القادمة؛ نتيجة ارتفاع الأسعار المتوقع بعد الضريبة.
يوضح لـ”صوت السلام”: “سوق الهواتف يعاني من ركود منذ عامين نتيجة غلاء الأسعار، لكن الأمر سيزداد سوءً بعد فرض الضريبة لا سيما أنها تقترب من نصف ثمن الهاتف، وإذا زاد السعر على التاجر بالتبعية يزيد على المستهلكين في السوق".
ضعف التصنيع المحلي
يشاركه ذات التوقع، الخبير الاقتصادي جاب الله، بأن الهواتف المستوردة ستشهد غلاء خلال الفترة المقبلة: “مصر ليس لديها تصنيع وفي حال التصنيع المحلي سيكون هناك زيادة في السعر بنسبة 28% تتوزع بين ضريبة المبيعات ورسم الاتصال ورسم التنمية، لذلك فأن أسعارها ستكون مرتفعة أيضًا مثل الضريبة".
ليس لدى مصر تصنيع محلي للهواتف، بينما بدأ الحديث عن إنشاء شركة "سامسونج" مصنع لها في محافظة بني سويف على مساحة 6 آلاف متر خلال العام الحالي، وتضم قائمة الشركات العالمية التي دشنت مصانع لإنشاء الهواتف في مصر، شركات: "شاومي ونوكيا وإنيفينكس ومايكروماكس"، باعتبارهم أول 5 مصانع هواتف في مصر لكن لم يبدأ عملها حتى الآن.
شبح الضرائب يطارد المواطنين
يخشى فتحي سعيد، 44 عامًا، من تطبيق الضريبة على هاتفه "سامسونج الترا S24" الذي اشتراه في يوليو 2024 من خلال صديقه الذي يعيش في الإمارات، بسعر 2900 درهم (ما يعادل حوالي 41 ألف و400 جنيه مصري)، بينما كان يبلغ سعر الهاتف في التوكيل المصري 59 ألف جنيه آنذاك.
كان سعيد، الذي يعمل مندوب مبيعات ولا يستطيع الاستغناء عن هاتفه، يهدف وقتها إلى توفير 10 آلاف جنيه من فرق السعر بين مصر والإمارات، إلا أنه في حال فرض ضريبة عليه بنسبة 38% سيدفع 15 ألف و580 جنيه وفق ما ظهر له على تطبيق تليفوني.
أكثر من 2 مليون مواطن مصري حملوا تطبيق "تليفوني" نتيجة حالة الارتباك التي شكلها قرار وزارة المالية؛ وعدم وضوح القرار وتأثيراته.
كانت من بينهم ريم عبدالفتاح، 23 عامًا، صانعة محتوى عبر الهاتف على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تستخدم هاتفها الذي اشترته بمبلغ 16 ألف جنيهًا كأداة أساسية في التصوير، إلا أنها وفق تطبيق "تليفوني" فُرض عليها ضريبة 6 آلاف جنيه.
تقول: “دخلت جمعية وقت شراء الهاتف لمدة عام، ولا أستطيع في الوقت الحالي دخول جمعية أخرى لتسديد الضريبة المجهولة التي تفاجئت بها على التطبيق، ولا أعرف مصيري الآن وهل سيتوقف الخط بعد ثلاثة أشهر أم لا".
ينتظر سعيد وريم وحسام مرور ثلاثة أشهر حتى يتأكدوا أن الضرائب التي فرضت عليهم وفق تطبيق "تليفوني" مجرد خطأ تقني وليست إجبارية، لا سيما أن الثلاثة اشتروا هواتفهم قبل موعد فرض الضريبة.