في عام 2013، واجهت الدكتورة جيهان نسيم، مديرة متحف ملوي، واحدة من أصعب تجاربها المهنية على الإطلاق، حين تعرض المتحف الشهير بمحافظة المنيا لحادث سطو راح ضحيته موظف صرف التذاكر، و1050 قطعة أثرية استعيد بعضها لاحقًا.
الحادث الذي وقع في يوم 14 أغسطس 2013، تمر ذكراه الـ11 هذا الشهر، وهي المناسبة التي دفعت "المنياوية" للقاء مديرة المتحف، الذي افتتح لأول مرة عام 1962، للتحدث معها عما تكبده من خسائر وما واجهه أثناء إعادة تأهيله للتشغيل وخططه للتطوير في الفترة المقبلة.
في البداية، ما تاريخ إنشاء وافتتاح المتحف؟
تأسس المتحف في عام 1962، واستقبل الزوار للمرة الأولى في عام 1963، في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتكوّن من أربع قاعات تحوي 1183 قطعة أثرية، وظل المتحف يستقبل الزوار حتى عام 2013، وبعد حادثة النهب وتدمير المقتنيات أغلق المتحف، وأعيد افتتاحه في 22 سبتمبر 2016.
كيف تغيرت طريقة عرض المقتنيات بعد إعادة الافتتاح في عام 2016؟
بعد أحداث التدمير يوم 14 أغسطس عام 2013 استرجعنا جزء من المسروقات، بالإضافة إلى أننا تسلمنا بعض القطع الأثرية من مخازن منطقتي الأشمونين والبهنسا، وتحوّل سيناريو العرض؛ تختص الصالة الأولى بعرض مقتنيات تعبر عن الحياة اليومية للمصري القديم، وتضم أدوات المأكل والمشرب والإضاءة والحلي وأدوات الصناعات المهنية والحرفية.
أما الصالة الثانية فتتناول مقتنيات عن الحياة الجنائزية للمصري القديم، وتضم توابيت الدفن، و"فاترينات" تضم معبودات المصري القديم، وأدوات الدفن والتحنيط.
تعرض الصالة الثالثة التدرّج الحضاري الذي شهدته منطقة مصر الوسطى، وتشمل العصور الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والحضارة الإسلامية.
كم عدد القطع المسروقة في حادث 2013؟
كان المتحف يعرض 1183 قطعة، تعرضت بعضها للسرقة والبعض الآخر للحرق والتحطيم، وتبقّت 47 قطعة فقط، وهي القطع الكبيرة التي لم يقوى المقتحمين على حملها، ما يعني أن حوالي 1000 قطعة قد سُرقت، وبعد أحداث السرقة استطاعت شرطة السياحة استرداد حوالي 400 قطعة كان من بينها قطع صالحة للعرض وأخرى تالفة، فيما يحتوي العرض الجديد على 950 قطعة أثرية.
هل أعاد أحد قطع مسروقة؟
صدر إعلان من وزارة الآثار في تلك الفترة، بأن أي شخص سوف يعيد آثار المتحف سيكون معفى من المساءلة القانونية، وبالفعل حدث ذلك، وأعاد مواطن قطعة قد رآها ملقاة في الأراضي الزراعية، وجرى تكريمه.
ما صحة ما نشرته بعض المواقع حول تعرض المتحف لحادث سرقة في 2011؟
لا، لم يتعرض المتحف للسرقة في عام 2011، لكن أغلقنا المتحف إبّان ثورة 25 يناير، وكانت فترة الغلق ثلاثة أشهر فقط.
كيف أثّرت أحداث السرقة والهجوم على العاملين بالمتحف؟
بالطبع كان الاقتحام له تأثير سلبي علينا جميعًا، مكان العمل الذي نعمل به تدمّر بالكامل، بالإضافة إلي أن "سامح" مسؤول التذاكر أصيب بطلقات نارية؛ أدت إلى وفاته.
ما أهم القطع المتواجدة داخل المتحف بعد الافتتاح؟
يوجد قطع نادرة ترجع إلى الدولة الحديثة عصر العمارنة، التي وقعت في بين القرن 15 حتى نهاية القرن 13 قبل الميلاد ، وهو تمثال لإحدى بنات أخناتون، وفي القاعة الثانية توجد قطع لشواهد القبور، كما يوجد أيضًا أيقونة السيدة العذراء، وبجانب مصحف مكتوب بخط اليد يرجع لعصر الدولة العثمانية.
كيف يساهم المتحف في تنمية السياحة بالمنيا؟
متحف ملوي واحد من أهم المتاحف الإقليمية في الجمهورية، يعرض قطع تُحاكي منطقة مصر الوسطى، وهذه المنطقة مرّ عليها العديد من الحضارات، ومن خلالها يتعرف الزائر على كل العصور التاريخية التي مرت بالمنطقة، ويتنوع زوار المتحف بين مواطنين وطلاب مدارس وأجانب.
هل استقرت أوضاع المتحف بعد الافتتاح، وكيف؟
وضعت رؤية جديدة تستهدف استعادة المتحف لمظهره الحضاري، وكان التواصل المجتمعي شكلًا من أشكال التجديد التي لجأنا إليها، فيوجد أقسام بالمتحف تُقدّم خدمات للمجتمع مثل قسم التعليم الذي يقدم تدريبات وورش عمل لطلاب المدارس، منها حرف كان يمارسها المصري القديم، صنع هذا رابط بيننا وبين المجتمع.
يوجد أيضًا قسم آخر معروف باسم "التربية المتحفية" لذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال هذا القسم شرحنا بعض القطع الأثرية بطريقة "برايل" لتعريف ذوي الإعاقة البصرية على الحضارة، كما يوجد قسم البحث العلمي الذي يخدم طلاب الكليات التخصصية، بالإضافة إلى قسم المعارض.
كيف تطور النظام الأمني لضمان عدم تكرار حادث 2013؟
منذ عام 2016 وحتى الآن، شددت الشرطة تواجدها الأمني المخصص للمتحف، بالإضافة الى تزويده بأجهزة مراقبة وكاميرات أكثر تطورًا، مع توريد أبواب مصفحة وتغيير سور المتحف، وهي منظومة إلكترونية شاملة، ترأستها غرفة مراقبة تساعد في حماية المتحف.
ما الرسالة التي يحملها المتحف منذ اعادة الافتتاح؟
في افتتاح المتحف عام 2016 أكد خالد العناني، وزير الآثار وقتها إن متحف ملوي يحمل رسالة سلام للعالم، ومنذ تلك اللحظة أعيد إحياء المتحف من جديد، بحُلة جديدة، نقول من خلالها إننا لم نستسلم للتدمير والإرهاب.