عندما كبرت، علمت شيوع زواج الفتيات في سن صغير من رجال أكبر منهن عمرًا، ليس فقط عبر ما أقرأه أو أتابعه في وسائل الإعلام، بل أيضًا ما شاهدته على مستوى زميلاتي شخصيًا، اللاتي لم يتممن حتى 18 عامًا من أعمارهن، وهو ما يعرّفنا وفقًا للقانون في مصر كأطفال.
كيف تتزوج فتاة لا تزال طفلة؟ كيف لا ينظر أهلها إلى ذلك على أنه ظلم لها، أن تتزوج وهي في هذا السن معناه أنها ليس فقط لا تكمل تعليمها في أغلب الحالات، بل أن تتحمل مسؤولية عائلة جديدة بينما هي لا تستطيع أن تتخذ قرار الزواج بنفسها، وتتخذه عائلتها بدلًا منها، فإذا رفضت، استمروا في تزويجها ضد رغبتها، فكيف لا يثقون في قرارها برفض الزواج، ويثقون أنها ستستطيع تحمل مسؤولية أسرة جديدة؟ أليس هذا تناقض بالفعل؟
فبدلًا من أن تدعم العائلة ابنتهم على المذاكرة والاجتهاد، تقرر بعض الأسر أن تخرجها من طفولتها بالكامل، يقررون أنها لا تحتاج إليها، ويقرروا بدلًا عنها أنها مستعدة للزواج، مثل ما يحدث مع إحدى صديقاتي، التي ستتزوج العام المقبل، رغمًا عنها. تتحدث دومًا عن خوفها من الزواج، وعما نعلمه من أن الفتيات قد يصلوا حد الموت إذا لم تتحمل أجسادهن الزواج أو الانجاب.
أشعر بالفزع والخوف على من أعرفه من صديقاتي ممن سيخضن هذا الأمر أو من لا أعرفها من الفتيات الأخرى، كما أشعر بالغضب مما تفعله العائلات في بناتها، فعائلة صديقتي، تعتقد أن تزويج ابنتهم في سن مبكرة، هو التصرف الصحيح، أما هي فليس في يدها حيلة، حتى أنهم لا يراعو خوفها هذا.
وفقًا للقانون المصري، فتزويج قاصر جريمة، يعاقب عليها بالحبس مدة لا تقل عن سنتين مع دفع غرامة، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، عدة حملات ومؤسسات تتبنى مناهضة زواج ما تصفهن ب "القاصرات"، مثل الحملة التي أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعي، العام الماضي، حملة ضد زواج الأطفال بعنوان، زواجها قبل 18 يضيّع حياتها، وبعد البحث عن عدد الفتيات اللاتي تزوجن وهن قاصرات، وجدت أنه يوجد حوالي 100 مليون فتاة حول العالم، تزوجت وهي قاصر.
ورغم القانون والحملات، تستمر هذه الممارسات، بل أن الأسر تتحايل بالقيام بعدة أمور مثل عدم توثيق العقود إلا بعد بلوغ الفتاة 18 عام، وهذا يدخّلنا في دائرة أخرى من المشكلات، التي تلحق الفتاة أيضًا، فتصبح ضحية في كل الأحوال.
في بداية هذا العام، ناقش مجلس الشيوخ عن مقدمة دراسة محمد هيبة، رئيس لجنة حقوق الإنسان بالمجلس، حول العنف الأسري لتغليظ عقوبة الزواج المبكر، و قتها علّقت الدكتورة نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، أن الفئات الاقل وعيًا فوقهم الفئات الأكثر عرضة الابتزاز و العنف سواء المرأة أو الأطفال.
وأضافت أن هناك تحركات لإنجاز تشريع لتغليظ عقوبة ختان الإناث أو الزواج المبكر، وتم إجراء أكثر من تشريع في هذا الصدد، ومنها قانون الطفل، بتشديد العقوبات، إلا أن ما يحدث هو زواج يُعرف بـ«السنة»، ويُعد نوعًا من الاتجار في البشر، حيث تتزوج الفتيات القاصرات ويسافرن دون توثيق رسمي