ما أجمل أن يكون للإنسان هدف يسعى لتحقيقه، ويبذل قصارى جهده هو، وليس ما يظن الناس أنه قصارى جهده، لتحقيق هذا الهدف.
يفعل الإنسان ذلك بكل ما أوتي من قوة، إصرار، وعزيمة يمكن أن يحصل عليها، ولكن تأت الرياح بما لا تشتهي السفن، فيفشل في تحقيق هذا الهدف الذي لطالما حلم به، وتمناه لنفسه، وتمناه له كل المقربين منه، وكل من يحبونه.
وقتها، يقع الحزن على عاتق هذا الإنسان، بسبب عدم تحقيقه لهذا الهدف، الذي زُرع في قلبه منذ الصغر، ولكن هذا الحزن هو أتفه ما يشعر به آنذاك، فيوجد أصعب وأمرّ من هذا الحزن ليتحمله، وهو شعور الخذلان.
أن تحطم أمل كل من يحبونك، وينتظرون منك تحقيق هذا الهدف، هذا هو الخذلان، فألم الخذلان هو أعتى، وأعظم ألف مرة من الحزن، على عدم تحقيق الهدف الذي تتمناه، فعندما تنظر لمن تحب، وترى وجهه حزينًا على عدم تحقيقك لحلمك، تشعر بألم شديد، كأن نارًا أُضرمت في قلبك، حتى أحرقته وأخفت ملامحه.
ولكن لعل مرور الزمان وتوالي الأحداث، ينسيك الأحزان، ويخفف عنك همك، ويجدد لك عزيمتك، فتنمو لك أهدافًا أخرى، وبإذن الله تستطيع تحقيقها، وتمحو الخذلان من قلب من تحب، وتبدلها لهم بالفخر والاعتزاز.
فلا تستسلم لألم الخذلان، وسر قدمًا في حياتك، فيوجد المئات من الشخصيات العظيمة، التي إذا استسلمت لأحزانها وآلامها، ما كانت وصلت سيرتها إلينا الآن، وأبسط مثال على ذلك، هو مخترع المصباح الكهربي، "توماس أديسون"، فبالرغم من وصفه بالغباء، ومحاولاته الـ99 الفاشلة في صنع المصباح، إلا أنه لم يستسلم لألم الخذلان، وسار على دربه، حتى نجحت التجربة رقم 100، وأصبح من عظماء التاريخ.
أنا الآن أعرف كم الخذلان مؤلمًا، وأعرف ما يتركه في النفس البشرية من ثقب، ولكن يجب ألا أستسلم لهذا الألم، بل أستمر في الجد والاجتهاد، حتى أرضي نفسي أولًا، ثم أرضي من حولي ممن يحبوني، وأغير نظرة الخذلان التي تعلو وجوههم، وأبدلها بنظرة رضا، لا تفارقهم أبدًا.