في حي الشيخ هارون بجانب باب منزل محمود عطا الله، ترصد أعين المارة صاجات الكعك المصنوعة حديثًا للطلب. اعتاد محمود عطا الله على فعل ذلك في نهاية شهر رمضان ومع اقتراب عيد الفطر على مدار أربعين عامًا.
منذ السبعينيات، اتخذ محمود عطا الله الرجل السبعيني من منزله ورشة لصناعة صاجات الكعك، المهنة التي عرفها من السوق وقرر تعلمها ليعمل بها حتى اليوم.
يحكي محمود عطا الله إنه في بداية حياته انتقل في عدة حرف، إذ بدأ في صناعة الأحذية، ثم انتقل لنحت التماثيل التذكارية للسائحين في ورشة جرانيت ومستمر بها حتى الآن، وخلال العام يصنع صاجات الكعك حسب الطلب، تحديدًا في مواسم الزفاف والأعياد.
يحصل عطا الله على علب الصفيح من تجار السلع الغذائية إذا توفرت، أو يتولى الزبون مهمة شراء علب الصفيح حسب الكمية التي يحتاجها، ويقول: "علب الصفيح لم تعد تتوفر كالسابق، في الماضي كان أصحابها لا يحتاجونها وكنت أحصل عليها مجانًا، أما الآن يصعب الحصول عليها وتُباع خردة، كان سعرها 5 جنيهات للصفيحة الواحدة، لكن وصل سعرها الآن 20 جنيهًا".
صاج الكعك من صفيح "السمن"
لصناعة صاج الكعك، يستخدم الحرفيّ علب الصفيح التي تستخدم في حفظ السمن وأسماك الملوحة والعسل، في أحجامها المختلفة، يمكن للصفيحة الواحدة أن تنتج صاجين بحجم كبير أو أربع صاجات كعك بالحجم الصغير.
يبدأ عطا الله في مدخل بيته، بإعداد الصفيحة لتحويلها إلى صاجات كعك، باستخدام عصا معدني وشاكوش، يزيل الغطاء العلوي والسفلي للصفيحة وتهذيب الجوانب الحادة مكان القطع.
تبدأ المرحلة الثانية في استخدام المقص بعد طي الصفيحة وقطعها إلى قطعتين أو أربعة حسب طلب الزبون، باستخدام المطرقة يضع قطعة الصفيح المقصوصة على قاعدة معدنية صلبة ويطرق عليها حتى تصبح مستقيمة مثل الورقة.
لتبدأ المرحلة قبل الأخيرة في إعداد جوانب الصاج باستخدام قاعدة مثبتة، يضع فيها عطا الله قطعة الصفيح لطي الجوانب الأربعة بعد قص قطعة بحجم المثلث الصغير من كل جانب.
الطرق الزائد عن الحد يضرّ الصاج
يتابع عطا الله مراحل انهاء الصاج "أبدأ بطرق جوانب الصفيح حتى تكون جوانب الصفيح موازية لبعضها، إلى جانب طي الجزء الأعلى من الجوانب حتى تكون أطراف الصاج ملساء لا تؤذي من يستخدمها، وهي أصعب المراحل فالطرق المتزايد عن الحد المطلوب من الممكن أن يتسبب في عدم صلاحية الصاج للاستخدام أو ثقبها، لكن مع العمل والتجربة خلال سنوات أصبح الأمر سهل الصنع بدون أخطاء".
في عملية تستغرق أقل من 15 دقيقة ينهي عطا الله صناعة صاجات الكعك من صفيحة واحدة، والتي يحصل عليها الزبون بسعر 10 ل 30 جنيه حسب الحجم والعدد.
آخر مرحلة يقوم بها الزبون نفسه، إذ يأخذه صاحب الصاج لحرقه في فرن بلدي حتى يحترق ويصل إلى اللون الأسود، ويمكن استخدامه مرات عديدة بدون تأثر الكعك المخبوز أو احتراق الصاج داخل الفرن في كل مرة يُستخدم فيها، وبذلك يُحفظ لسنوات طويلة.