لصناعة بسكويت العيد، كانت منى حسن، ربة منزل، تتبع طريقتين مختلفتين، إما بدون بيض، وتُحدّد فيهم المقادير بالكمية؛ ففي حالة عمل 10 كيلو بسكويت، فإن المقادير ستكون 2 كيلو سكر، 2 كيلو سمنة، 2 كيلو لبن سائل، ويُضاف إليها نشادر ملعقة لكل كيلو، وروح موز وبيكينج بودر وفانيليا.
أما الطريقة الثانية فتعتمد على استخدام بيضتان لكل كيلو دقيق، إذ يوضع للعشرة كيلو 20 بيضة، مع باقي المكونات بنفس المقادير.
وكانت منى من المتمسكين بعادة صنع كعك وبسكويت العيد في المنزل، مثل عدد ليس بالقليل من السيدات في أسوان، اللائي لا زالوا يحتفظون بالخبز المنزلي، وفرحة الالتفاف حول ماكينة البسكويت أو "نقش" الكعك، بأيديهم، وبأيدي أبناءهم أو باقي أفراد الأسرة ممن يريد المساعدة.
تقول منى: "كنت أصنع هذه الكمية من البسكويت العام الماضي بتكلفة لا تتجاوز الـ ـ300 جنيه، لكن الآن بسبب ارتفاع الأسعار الضخم في كافة المكونات، أصبحت تكلفة الدقيق وحده 300 جنيهًا، ما يعني أن تكلفة جميع المكونات تتجاوز الـ 750 جنيه".
واضطرت بعض العائلات والأسر إلى عدم صنع بعض أنواع الكعك أو تقليل كميته، مثل ما حدث مع حنان جاد، ربة منزل، التي قالت: " السنة الماضية صنعت 10 كيلو بسكوت شاي و3 كيلو غريبة و كعك بالجبنة، أما هذا العام لم أصنع غريبة وصنعت 8 كيلو بسكوت و2 كعك بالجبنة"، مُشيرة إلى أن تكلفة ما صنعته هذا العام رغم كميته القليلة كان أغلى سعرًا.
وتصف زينب أحمد، ربة منزل، الوضع بكونه صعب للغاية هذا العام، وقد كان من عاداتها التي نشأت عليها حتى زواجها وولادتها لأطفالها الثلاثة هو صنع المُعجّنات قبل عيد الفطر بأيام قليلة، وتكمل بقولها "الوضع صعب هذا العام ماديًا، وراتب زوجي الذي يبلغ 6 آلاف جنيهًا لا يكفي للإنفاق على الحلويات، رغم أني اعتدت على ادخار مبلغ بسيط شهري من مصروف البيت يعينني على مصاريف المناسبات كالأعياد ورمضان"، وتتحسّر زينب على وضع أسرتها المالية في ظل الأزمة الاقتصادية قائلة "لا عيد بدون فرحة صنع المخبوزات في المنزل كما تعودت في صغري".
واضطر أحمد محمود، رب أسرة وموظف بالقطاع الحكومي، الاستغناء عن عمل المخبوزات هذا العام، فقد وجد أن راتب الشهر الذي يبلغ 8000 جنيهًا لن يكفي مصاريف البيت وصنع الحلويات، لذا قرر هو وزوجته الجلوس مع أبنائهم والاتفاق سويًا على هذا القرار، يعلق قائلًا: "قررنا نكتفي بشراء كيلو كعك من المخبز فقط حتى نستطيع تلبية بقية احتياجاتنا".
ولا تعاني الأسر فقط من ارتفاع أسعار مكونات الحلويات، لكن كريمة إبراهيم، صاحبة مشروع حلويات على الإنترنت، تواجه نفس المشكلات أيضًا، حيث تقول "واجهت مشكلة كبيرة في تسعير المخبوزات في بداية الموسم بسبب عدم استقرار أسعار الخامات، كل يوم يوجد سعر جديد للخامة، وفي نفس الوقت لا أستطيع شراء كمية كبيرة من الخامات مخافة سوء التخزين والتلف"، فيما قررت في النهاية التسعير بناء على تكلفة الخامات أولًا بأول.
وتكمل كريمة قائلة إنها بدأت تأسيس المشروع والبيع عن طريق الإنترنت منذ عام 2018، ولم تواجه أي صعوبات منذ بداية عملها إلى الآن، إذ يعتبر هذا العام أول مرة تواجه فيها انخفاض الإقبال والطلب، فقد ازداد سعر الحلويات إلى الضعف، فمثلًا كان سعر كيلو البسكويت العام الماضي 80 جنيهًا، بينما يبلغ سعره هذا العام نحو 160 جنيه، ووصل سعر كيلو الكعك لهذا العام نحو 150 جنيه، تقول: "فمن كان يطلب اثنين كيلو أصبح يطلب واحد فقط وهكذا".
وعلى جانب آخر يقول محمد شعبان، صاحب مخبز وشيف، إن أسعار الخامات انخفضت في بداية شهر رمضان، مما أثر على أسعار المخبوزات وثبّت سعرها كما العام الماضي، ويقول إن الكيلو يبلغ سعره حاليًا 120 كيلو سواء كان كعك أو بسكويت أو بيتي فور.
يشير "شعبان " أنه رغم تثبيت تسعيرة البيع لديه في المخبز، لا زال يواجه الاستياء على ملامح الزبائن، الذين تعتبر الأسعار أعلى من امكانياتهم المادية، يعلق شعبان قائلًا: "ليس بأيدينا هذا الغلاء فنحن نضع التسعيرة بناءًا على سعر الخامات، ويكون ربحنا قليل للغاية ونعامل ضميرنا ليس الناس".
ويستكمل شعبان أنه كان قلقًا للغاية خلال أزمة السكر، إذ يقول "المخبز لا يعمل إلا بوجود السكر، وواجهنا فترة صعبة خلال الأزمة، لكن حاليًا السكر متواجد وسعره منخفض، أتمنى بقاء الوضع".