إصابات في العين وحروق وأزمات نفسية.. خبراء يحذرون من "ألعاب العيد"

تصوير: جنةالله أشرف عطية - فتاة تشعل النيران باستخدام إحدى الألعاب المنتشرة في العيد

كتب/ت جنة الله أشرف عطية
2025-03-31 07:26:14

في كل عيد، تُصنع الفرحة من ضحكات الصغار، أصواتهم وهي تتعالى في الأزقة والحارات، يحملون ألعابًا تُضفي البهجة، لكنها لا تُطفئ النار حين تحترق العين، أو يُصاب الجسد، الرشاش الأبيض الذي يقذف رغوة كاذبة، ومسدسات الخرز والبنادق البلاستيكية وأقلام الليزر والألعاب النارية.

كلها تُباع على الأرصفة، بألوان زاهية تخفي خطرًا قاتلًا، وفي زحمة الفرح، لا أحد يتوقع الكارثة، لكن الكارثة لا تنتظر، تأتي فجأة، تسرق من العيد نكهته، ومن الأطفال بريق أعينهم أو سلامهم النفسي.

وبالرغم من إصدار المحافظ عبد الفتاح سراج بيانًا يوم 3 مارس الماضي، شدد فيه على تكثيف الحملات المشتركة من إدارة المتابعة الميدانية بالمحافظة، بالتنسيق مع مديرية التموين وشرطة المرافق، والوحدات المحلية للمراكز والمدن بالمرور الميداني على مناطق تداول الألعاب النارية، الصواريخ، مسدسات الخرز والشماريخ النارية وغيرها، واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة حيال المخالفين مع ضبط ومصادرة هذه الألعاب، إلا أن هذه الألعاب لا تزال مطروحة في السوق.

العيون.. أول الخاسرين

"أصعب لحظة في حياتي كانت وأنا ببلّغ طفل عنده 10 سنين إن عينه اليمين مش هترجع تاني".. كلمات حملت آلامًا كثيرة بدأ بها مصطفى الرفاعي، أخصائي طب وجراحة العيون بمستشفى الرمد بسوهاج، أثناء حديثه مع "أهل سوهاج"، وأضاف قائًلا "أغلب الإصابات في الأعياد بتيجي من مسدسات الخرز والرشاشات البيضاء اللي بتضرب رغوة، مليانة مواد بتسبب التهابات حادة في العين، إحنا بنشوف أطفال فقدوا البصر أو العين نفسها بسبب لعبة بـ20 جنيه".

أما عن أقلام الليزر، فيصفها الرفاعي بـ"الرصاصة الصامتة"، مستطردًا في حديثه قائًلا "فيه طفل جاله تلف في شبكية العين بعد ما اتسلّط عليه ليزر لثواني، دى مش ألعاب، ده سلاح بيتباع في السوق".

الرشاش الأبيض

"الرغوة دي بريئة في شكلها، بس جواها مادة قاتلة للعين".. هكذا وصفها الرفاعي، مُوضحًا "توجد منها أنواع مغشوشة، مكوناتها تسبب التهاب في القرنية، وبعض الحالات تتحول لعدوى بكتيرية تحتاج إلى تدخل جراحي"، ويرى الرفاعي أن ما يحدث حاليًا إهمال رسمي "ماينفعش لعبة تتباع من غير رقابة ولا حتى تحذير بسيط".

الألعاب النارية

الألعاب النارية، أو كما يسميها البعض "ديناميت العيد"، باتت مصدرًا دائمًا للحروق والإصابات،  فيقول ماهر سمير، أخصائي جراحة التجميل، "كل عيد نستقبل حالات حروق من الدرجة التانية والتالتة بسبب لعب الأطفال بالنار، الديناميت ده مش لعبة، ده أداة قتل ببطء، وممكن يعمل انفجار  في إيد الطفل أو في وجه".

ويستطرد سمير في حديثه "أكتر من 20 حالة حروق سجلناها في العيد الماضي، منهم 7 أطفال احتاجوا عمليات ترقيع جلد، فين الرقابة؟ فين الأهل؟".

بنادق بلاستيكية.. إصابات حقيقية

ليست مجرد بلاستيك، بل قنابل صغيرة، فالبنادق البلاستيكية تطلق مقذوفات قوية، تُصيب العيون، وتكسر الأسنان، وأحيانًا تسبب نزيفًا، هذا ما أكده الرفاعي أثناء حديثه مع أهل سوهاج، فيقول "استقبلنا طفل جاله نزيف داخلي في العين بسبب خرزة خرجت بسرعة عالية من بندقية بلاستيك، الغريب إن اللعبة دي ممنوعة في دول كتير، لكنها عندنا بتتباع علني وبكميات"

العنف يبدأ بلعبة

من زاوية نفسية، تصف فريدة حسن، أخصائية نفسية للأطفال، أن "اللعب بهذه الألعاب غير بريء"، مستطردة في حديثها قائلة "احنا بنشوف الأطفال بيتحولوا لمقاتلين، بيتعودوا يشوفوا الضرب والرش والحرب كجزء من العيد"، وتختتم حديثها قائلة "رصدنا حالات رعب وقلق وكوابيس بعد استخدام الألعاب دي، وبعض الأطفال بيرفضوا يخرجوا تاني بعد ما يصابوا أو يتخضّوا".

بين النار والفرحة

"ابني رجع من الشارع بعينه وارمة ومش شايف بيها، رشوا عليه الرغوة، بقى عنده مشكلة في الرؤية".. هذا ما قاله إبراهيم كمال، والد طفل مصاب، ثم تنهد قائلًا "دي مش فرحة، دي مصيبة، وأنا مش هسكت".

أما رباب سليمان، فتقول "أنا مش ضد الفرح، بس ضد الإهمال، مش كل حاجة على الرصيف آمنة،  بشتري لأولادي ألعاب من غير خرز ولا فوم، وبطلب من المدرسة تعمل توعية قبل العيد، بس أنا لوحدي مش كفاية".

التنفيذ صعب

"احنا بنبيع اللي الناس بتطلبه، مفيش قانون بيقول ممنوع"، هذا ما قاله محمد عبد اللطيف، صاحب محل ألعاب، بلا اهتمام، مضيفًا "السوق مفتوح والرقابة غائبة والتهريب سيد الموقف".

يؤكد مصدر مسؤول – فضّل عدم ذكر اسمه – أن "الحملات غير كافية، فتهريب الألعاب يتم بكميات ضخمة، بالطبع القانون موجود، لكن التنفيذ صعب، والحل في وعي الناس".

تصوير: جنةالله أشرف عطية - ألعاب منتشرة ويتسخدمها الأطفال في العيد