أصبح تقليد الوطن العربي للغرب في أي شئ ظاهرة تقليدية في العصر الحالي، نحن لا نقلدهم في العلم أو في العمل أو فيما يُطوّر من قيمتنا، بل ننسخ سلوكياتهم التي تخالف عاداتنا وتقاليدنا وخصوصيات مجتمعاتنا، ونظن بأن هذا التقليد سيطور قيمتنا أو يجعلنا مثلهم، لكن الحقيقة أننا لن نجني سوى التقليل من قدرنا؛ بتبّنِي ما لا يتوافق مع مفاهيمنا وخصوصيتنا، لذا حال هذا التقليد بيننا وبين أي تطور حقيقي.
ما ننسخه من الدول الأوروبية يؤدي لتآكل هويتنا الثقافية المحلية العربية، التي تتميز بالتمسك بالأسس التقليدية ، فعندما تُقلّد الدول الأوروبية دون مراجعة نقدية، ولو حتى للأضرار التي سوف ستلحق بنا، قد تفقد مجتمعاتنا العربية عناصرها الثقافية المميزة، ما سيُضعف الروابط الإجتماعية والتاريخية، ويُمزّق أية تواصل على أرضية الثقافة المشتركة بين شعوب دولنا.
الكثير من النماذج الأوروبية، لا تتناسب مع الظروف الخاصة بالوطن العربي، لاختلاف الأسس الاجتماعية، ما يحدّ أية تأثير إيجابي لهذا المسخ المنسوخ من الغرب، لذا يقتصر التقليد فقط على السلوكيات الاستهلاكية السريعة، التي تتبّعها بعض شعوب الدول العربية، بوحي أوروبي، وكذلك التركيز على الاستيراد من الخارج، والتخلي عن الصناعات المحلية، ما يهدد الاقتصاد العربي، الضعيف أصلًا بالمقارنة بالدول الأوروبية.
لذا فالنظرة السريعة السطحية لهذا التقليد، غالبًا ما يكون خيارًا مغريًا لشعوبنا، لكنها تحمل في طياتها الكثير من العيوب، والنظرة الأعمق يجب أن تبحث عن كيفية حصر تقليدنا للغرب في نواحي العلم والعمل وتقوية الاقتصاد فقط.