كلما اقتربنا من العيد تبدأ مظاهر عيد الأضحى تهلّ علينا، الكل في حالة استعداد وترقب لقدوم العيد، أما أنا فأعيش حالة من العزلة عن العالم بسبب اقتراب موعد امتحانات الثانوية العامة.
أشعر بأني سجينة الكتب، لا يُمكنني التحرر والخروج من غرفتي لأستمتع بمظاهر العيد بعض الوقت، هذه المرة الثانية التي أعيش هذه المشاعر السخيفة، فلم أشعر بلذّة وفرحة العيد التي كنت أنتظرها كل عام، ففي العام الماضي وافق العيد يوم 27 يونيو، أتذكر هذا الوقت جيدًا، فقد خُضت ثلاث امتحانات في المرحلة الثانية من الثانوية.
الجميع كان يحتفل إلا أنا، أجلس في غرفتي بين الكتب والمراجعات، كم افتقدت شعور سماع تكبيرات العيد التي أحب سماعها. في العام الماضي لم أتمكّن من ذلك، فقد غلبني النوم بسبب سهري ليلة وقفة العيد، إذ كنت أذاكر مادة الكيمياء.
كانت ليلة طويلة جدًا؛ فقد قمت بالإجابة على العديد من أسئلة المعادلات الصعبة، وكانت أول مرة في حياتي لم أستمع فيها إلى تكبيرات العيد التي تُطرب الأذن وتريح القلب وتُضفي بهجة على تلك المناسبة. يومها ذهب جميع أسرتي إلى بيت جدتي ليشاهدوا مراسم النحر التي اعتدنا على رؤيتها في كل عيد، أما أنا فمكثتُ في المنزل أجلس بين الكتب، وقسّمت يومي كأي يوم عادي، أشاهد فيديوهات مراجعة المادة وأقوم بحل التدريبات الموجودة في الكتب وملزمات المراجعة، أما بقية إخوتي فكانوا في بيت جدتي يستمتعون بجلسات السمر ومشاهدة مسرحيات العيد.
لكن في الحقيقة لم يشغلني هذا الأمر كله، كل ما شغلني وقتها كانت مشاعر التوتر من الامتحان القادم، ومحاولة استغلال الوقت بأكبر قدر، حتى أحصل على الدرجات النهائية في الامتحانات المُتبقية، فقد وجدتها فرصة مثمرة للمذاكرة بتركيز، وكنت أقول لنفسي: "سأحتفل بالعيد لكن عند ظهور النتيجة"، كان هذا دافعًا يُزيل الحزن والحسرة التي كانت بداخلي على ضياع العيد.
أما هذا العام، فقد قررت أن يكون العيد مُختلفًا، إذ تبدأ الامتحانات يوم 10 يونيو، قبل العيد، وأعتقد أن هذه المدة كافية لإنهاء مراجعة المادة الأولى.
أشعر بأن التوتر أقلّ عن العام الماضي، أعتقد أن سبب توتري العام الماضي أنها كانت التجربة الأولى لي في امتحانات الثانوية، أو رُبما لا أشعر بعد بالقلق هذا العام لأني لم أبدأ بعد امتحاناتي، أم لأني أشعر بضرورة إعطاء نفسي حق الاستمتاع بالعيد؟، لا أعرف الإجابة الحقيقية!
عامة فقد قررت ألا تُحرمني الثانوية العامة من لذّة الإحساس بالعيد، لكن ماذا إذا كان الوقت غير كافٍ؟ هل سأندم على هذا اليوم؟ كل هذه التساؤلات تدور في ذهني، تجعلني في حالة حرب دائمًا مع أفكاري، هل الخروج من روتين المذاكرة وسجنها يوم واحد في السنة لطالب ثانوية يحتاج إلى هذا الكمّ من التفكير والشعور بالندم؟ أتمنى أن أحصل في هذا العيد على قسط من الراحة لأريح عقلي بعض الوقت حتى أستطيع إكمال شهر الامتحانات.