بعد معاناة مع تنظيف المنزل استعدادًا للعيد، أخيرًا أستطيع الحصول على قسط من الراحة، لكن تذكرت أنه كان من المفترض شراء بيجامة العيد، ولكني انشغلت هذا العام ولم أستطع شرائها. أشعر مؤخرًا أن هناك ما ينقص العيد، أفتقد الرائحة التي كنت أشمها مع نسمات فجر العيد، ففي ليلة الوقفة كنّا نتجمع أنا وعائلتي بعد عناء يوم طويل من تنظيفات العيد والابتسامة مُرتسمة على وجهنا، فرغم كل هذا التعب إلا أنها ليلة عيد، ولابد أن تُزيّن وجوهنا الضحكات، ففي نهاية اليوم، نبدأ بعمل جلسة عناية بالبشرة لجميع فتيات العائلة، لنقضي ليلة مبيت رائعة مليئة بأصوات الصواريخ ورائحة الديناميت.
ننتظر طوال الليل تلك الرائحة التي نشتاق لها فى كل عيد، كنت أشعر أن لفجر العيد رائحة مختلفة عن باقي أيام العام، كنّا نردد تكبيرات الإحرام فور بدئها بكل اشتياق وفرحة لهذا اليوم، ثم نرتدي ملابس العيد وتقوم أمي بإشعال البخور في جميع أركان المنزل، ويرتدي إخوتي الجلباب الأبيض الذي عطّرته أمي برائحة البخور، نذهب إلى المسجد كالمعتاد لأداء صلاة العيد، مُنتظرين بفارغ الصبر عودتنا إلى المنزل لنجتمع مع أقاربي، وتبدأ وجبة الغداء الأحبّ إلى قلبي، ليس لأن طعم الأكل شهيّ فقط، ولكن لأننا قد تمكنّا من التجمّع على المائدة دون أن ينقص أحدًا منا، فيُصبح للطعام مذاق مميز، وتتعالى أصوات ضحكاتنا على مائدة الطعام.
كنت أشعر فى ذلك الوقت أن كل شيء على ما يرام، حتى نبدأ بالجزء الأحب إلى قلبي، وهو صوت أبي يُخيرّنا ما بين الذهاب إلى الملاهي أم حديقة الحيوان، فرغم كل هذه الخيارات الممتعة إلا أن العيد لا يستقيم دون الملاهي؛ فالألعاب مرتبطة بشكل وثيق فى عقلي بالعيد، كما اعتدنا على سماع أغاني العيد مثل "جانا العيد"، فنردد كلماتها طول طريقنا إلى الملاهي، ثم نعود إلى المنزل بعد يوم طويل مليء بالبهجة و الفرحة المرسومة على وجهنا الممزوجة ببعض الحزن بسبب انتهاء إجازة العيد.
تلك الطقوس انقضت منذ خمس سنوات، أنا حاليًا طالبة أدرس بكلية تجارة، فمع مررور الأيام أشعر بأن هناك شيئًا مختلفًا عن العيد الذي يسبقه، ويأتي في ذهني سؤال أطرحه أين لذة العيد ؟هل ذهبت مع طفولتي؟، أم أنها تغيرت عندما نضجت، أصبحت رائحة يوم العيد عادية بالنسبة لي، أحيانًا يغلبني النوم قبل أن أصلي صلاة العيد في المسجد، حتى ملابس العيد من الممكن شرائها بعد انتهاء العيد، بعد أن كانت طقسًا لا يخلوا منه العيد، وانفضّ الجمع العائلي، أصبحت بنات العائلة ترفض تلك التجمعات نظرًا لانشغالهم، بعد أن كان التجمع العائلي طقسًا لا يمكن الاعتذار عنه، كما أصبحت أماكن الخروج مزدحمة، ولم أعد أطيق الزحام، مما يجعلني أمتنع عن الخروج أثناء أيام العيد، وأنتظر مروره حتى أتمكّن من الخروج، بعد أن كان زحام الناس يُمثّل العيد في حد ذاته.