عيد_أوردِيحِي | تحتل اللحوم الصدارة في قائمة طعام موائد الأسر في عيد الأضحى المبارك، صحن كبير مملوء بالأرز وبضعة قطع من الخُبز المحمص، وبينهم مكعبات لحم الضأن أو البقري، ويفوح من الصحن رائحة شوربة الثوم، لكن هذا العام ستخلو الموائد من الوجبة الرئيسية "الفتة".. في أكثر من تقرير من أسوان إلى بورسعيد في مصر، ومدينة بني خلاد في تونس، تابعنا عبر هذا الملف تأثير ارتفاع أسعار اللحوم البلدي على المستهلكين وعلى الجزارين الذين انخفضت مبيعاتهم في "عيد اللحمة".
ضربت الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار اللحوم البلدي سوق الجزارين بشكل هدد تجارتهم، ولم يستطع عيد الأضحى المبارك الذي يسميه المصريون عيد "اللحمة" إنعاش حركة البيع في سوق اللحوم، خاصة وقفزات الأسعار وانخفاض قيمة العملة المصرية دفعت الأسر إلى تقليص ميزانيتها.
ارتفع سعر كيلو اللحم "البلدي" ليتراوح بين 300 إلى 350 جنيه، بنسبة ارتفاع تصل إلى 100 %، إذ كان سعر الكيلو يتراوح بين 150 إلى 170 جنيه، ما أحدث صدمة بين المستهلكين.
يشعر الجزارون في دار السلام بالتهديد، إذ انخفضت نسبة البيع، يقولون "موسم اللحمة إضرب"، يقول محمود محمد، جزار في المنطقة، إنه اضطر- للحفاظ على مكاسبه وزبائنه - بيع الكيلو مقابل 300 جنيه، رغم أنه لتحقيق ربح لابد من بيعه مقابل 340 جنيه، وهذا القرار اتخذه محمود لإرضاء زبائنه القدامى ممن كسب والده الراحل ثقتهم، وهو لا يستطيع هدم هذا بسبب أزمة.
وفقد محمود ثُلث المبيعات لموسم عيد الأضحي المبارك، رغم استمراره فى العمل بنفس الطاقة والطريقة فى كل موسم، إذ يبدأ يومه بالمحل من الساعة 9 صباحًا حتى 12 منتصف الليل ولمدة 15 ساعة مضت هذا العام دون ضغط.
فى محل خالي من آثار دماء الذبائح، يجلس أحمد سعيد، جزار، يُنفث همومه في دخان الشيشة، لا يعرف كم مرة قام عامل المقهى بتغيير "الحجر"، يشعر بالفراغ وينسى أنه في موسم بيع اللحمة، يتذكر آلام الظهر والقدم في أوقات مضت كان يعمل فيها لساعات طويلة.
من خمسة كيلو إلى كيلو ونصف، خفضت الأسر كميات الشراء، هكذا يقول أحمد عن حركة المبيعات التي انخفضت عنده بنسبة وصلت إلى 50 %، يضيف أن الأسر تستهدف أكل وجبة واحدة من اللحوم في العيد.
ويشعر أحمد بالإحباط، فحركة البيع المنخفضة خيّبت توقعاته بمكسب يغطي العام كله، في وقت كان يعتبره عيدًا حقيقيًا لمهنته.
ياسر محمد، جزار في حدائق المعادي، يتمنى تغيير مهنته، يقول: “كل يوم بحال، رغم أنها أكثر مهنة تعتمد على الإنتاج المحلي، لكن ارتفاع ثمن العلف المستورد يعوقنا، ومصر لا تنتج علفًا، وتأثير ارتفاع الدولار وانخفاض الجنيه دخل في كل المهن".
لجأ ياسر إلى توفير أنواع من اللحوم عوضًا عن البلدي المرتفع ثمنه، إذ يبيع في محله اللحوم المجمدة والسودانية، والتي حازت إقبالًا، يقول بحزن: “كنت أطمح إلى توفير لحم بلدي بسعر مناسب لزبائني.. لكن ما باليد حيلة".