يُكمل نجيب محفوظ 113 عامًا على ميلاده التي تمر ذكراها اليوم، إذ ولد أديب نوبل في 11 ديسمبر 1911، ولايزال أثره حيًا حتى الآن بمؤلفاته التي تجاوز عددها الـ55 كتاب، ما بين الروايات والقصص القصيرة والمسرحيات.
مشوار الأدب
الكتابة كانت همّ نجيب محفوظ منذ الصغر، إذ كتب في طفولته مذكراته، وأسماها "الأعوام" على غرار "الأيام" للأديب طه حسين، التحق بكلية الآداب بجامعة القاهرة عام 1930، وحصل على ليسانس فلسفة التي أثرت على كتابته بعد ذلك.
كانت أولى روايات محفوظ هي "عبث الأقدار"، إذ اهتم بكتابة الروايات التاريخية، فكتب بعدها "رادوبيس" و"كفاح طيبة".
بعدها دخل مرحلة الواقعية، كانت عين محفوظ تراقب دومًا الناس بالشوارع، ففي أثناء عمله أو تمشيته اليومية أو حتى جلسته في المقهى يراقب محفوظ الناس، ولذلك كانت واصفة وشارح للمجتمع المصرى بشكل دقيق، مثل ما حدث في روايتيه "زقاق المدق" و"الكرنك"، وساعدته ملاحظته على اختيار أسماء روايته مثل رواية "الحرافيش"، الذي كان لقبًا يُطلق عليه وأصدقائه من الكتاب عندما يجتمعون، كذلك حافظ محفوظ على واقعيته واهتمامه بفئات الشعب المصرى المتنوعة ودواخله في رواياته.
استلهم أيضًا محفوظ من الواقع أشخاص رواياته، مثلما فعل في رواية "المرايا"، إذ يؤكد عدد من النقاد والكتاب أن أديب نوبل استلهم شخصية سيد قطب، فيما حولها إلى أحد أبطال الرواية، وهو شخصية "عبدالوهاب إسماعيل"، وكان قطب أول من نقد وكتب عن أعمال محفوظ.
كما كتب محفوظ نفسه، أو حمّل إحدى شخصيات رواياته بعضًا من صفاته، وذلك في شخصية "كمال عبدالجواد" في ثلاثية بين القصرين، بسبب تشابه تجاربهما في الحب ومحبة الزعيم سعد زغلول، ورؤيتهما للثورة.
وبين عامي 1952 و1957 عمل محفوظ فى كتابة السيناريو، وعزف عن كتابة الروايات فى تلك الفترة، وكتب سيناريوهات عديدة مثل فيلم ريا وسكينة وفتوات الحسينية والوحش والاختيار.
نجيب محفوظ والوظيفة
حافظ نجيب محفوظ على الوظيفة الحكومية طوال حياته، حيث عمل لمدة 37 عامًا موظفًا في وزارة الأوقاف، ثم رقيبًا على المصنفات الفنية، ختامًا برئيس لجهاز السينما، قبل خروجه إلى المعاش، وكان في أثناء تأديته لمهامه الوظيفية يخرج من عباءة الكاتب، فهو موظف يسير على خطى القرارات واللوائح التي تنصها الحكومة.
وخلال عمل محفوظ رقيبًا على المصنفات الفنية، أخذ قرارًا لافتًا بالتوقف عن كتابة السيناريو لأي من شركات السينما التي اعتاد الكتابة لها قبل اختياره لهذا المنصب الجديد، حتى ينأى بنفسه عن أي شبهات. وبالرغم من ذلك قاوم نجيب محفوظ التدخلات الزائدة في الرقابة، بل كان يعمل بما لا يمس أساس الفيلم بشيء أو حذف، وبالرغم من تعرض محفوظ لمشكلات الرقابة أثناء عرض أفلامه قبل ترشحه، ولكن لم يزحزحه هذا من أداء مهام عمله.
الجدل حول أديب نوبل
آثار نجيب محفوظ برواياته الجدل من حوله، وتعد رواية "أولاد حارتنا" أكثر رواياته جدلًا حتى الآن، التي تسببت في محاولة اغتياله في أكتوبر عام 1994، إذ حاول أحد أفراد الجماعات الإسلامية اغتياله، بعدما اتهموه بتمثيل الأنبياء في "أولاد حارتنا"، وأثر الحادث سلبًا عليه، خاصة أعصاب يده اليمنى التي يستخدمها في الكتابة.
أثارت روايته "الكرنك" أيضًا جدلًا بين اليساريين، فقد اعتبروها هجومًا على عبد الناصر، وكان هدف الرواية الأساسي هو إثارة قضية التعذيب في المعتقلات، وبالرغم من ذلك اعتبر محفوظ الكرنك خروجًا عن منهجه في الكتابة، التي يعتمد فيها على معرفة الحارة المصرية وخباياها، بينما الكرنك كانت نتاج سماعه لقصص شباب عانوا من التعذيب في أحد المعتقلات.
جوائز محفوظ
كانت أولى جوائز محفوظ جائزة قوت القلوب الدمرداشية، رفعت تلك الجائزة من روح نجيب المعنوية، وبعدها قدّم في مسابقة مجمع اللغة العربية عن روايته كفاح طيبة، وكان من الخمس الفائزين، كما حصل على جائزة الدولة في الآداب، وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى.
إلا أن أهم جوائز محفوظ على الإطلاق، هي جائزة نوبل التي حصل عليها عام 1988، كأول أديب مصري عربي يفوز بنوبل، وقالت اللجنة القائمة على الجائزة إن "نجيب محفوظ أثرى المكتبة العربية بإنتاجه الغزير الذي تجاوز الخمسين عملًا روائيًا وقصصيًا ترجم إلى معظم لغات العالم، بل تحول كثير منها إلى أعمال سينمائية".