على وقع أصوات القصف والرصاص على الجانب الفلسطيني لمعبر رفح، وقف عبدالله المحاسب بإحدى الشركات بالقاهرة متطوعًا أمام الجانب المصري من المعبر لتسهيل وصول المساعدات إلى الفلسطينيين في قطاع غزة، فيما كانت الأصوات دافعًا له لاستكمال عمله وتكثيف جهوده.
ينتمي عبدالله إلى مدينة العريش شمال سيناء ورغم تركها للعمل في القاهرة؛ إلا أنه عاد إليها الآن في شكل تطوعي، بعد سنوات قضاها بعيدًا عن أهله؛ الذين كان يستغل إجازته الشهرية للذهاب لهم والشعور بدفء الأسرة الذي طالما افتقده كثيرًا.
الآن جاء إلى المدينة ووصل إلى الجانب المصري لمعبر رفح؛ لتخفيف المعاناة عن أهالي قطاع غزة.
وبحث عبدالله كثيرًا عن طريقة لمساعدة الفلسطينيين، إلى أن اهتدى إلى فريق الهلال الأحمر المصري وانضم له، وتحول يومه بين عمل ووقوف أمام معبر رفح وساعات قليلة في منزل أهله، حيث يستريح قليلًا قبل يوم عمل جديد، يبدأ فيه رحلته إلى المعبر، وهو لا يعلم ما ينتظره.
ويتمنى في حديثه لـ"صوت السلام" أن يتوفر ممر آمن لدخول الأطفال وعلاجهم في مستشفيات العريش، وأن تدخل مساعدات أكثر؛ لأن 20 شاحنة أمام 15 يوم من القصف ليس أمر عادل، حسب وصفه.
ويضيف: “وجودنا أمام المعبر أداة للضغط على السياسة العالمية والمتطوعين في الهلال الأحمر وباقي المبادرات ينظمون وقفات تضامنية وهم يصلون إلى قرابة ألف من جميع المؤسسات".
ولا يتناول عبدالله طعامه مع أسرته بل في خيمة نُصبت لمتطوعي الهلال، يشرد بذهنه ويأكل، ثم يفكر في طفل فلسطيني تحت الأنقاض يبحث عن حياة جديدة.
ويقول عبدالله: "مع كل قصف يصل صوته إليّ ولباقي رفح المصرية، يزداد إحساسي بالقلق، ثم يلي ذلك رائحة الرصاص، التي لم تفارق أنفي طوال الأيام السابقة، ثم تهب موجة من السخونة في الجو كأن درجة الحرارة ارتفعت لأضعاف فجأة".
"الله أكبر..الله أكبر" مع التكبير، ثم صوت الزغاريط تدخل أول شاحنة من المعبر متجهة إلى غزة ضمن 20 شاحنة، ورغم القشعريرة التي سرت في جسد عبدالله وشعوره بالسعادة، كان يتمنى أن يدخل الأراضي الفلسطينية ويهتف "فلسطين عربية"، لكن الواقع كان له رأي أخر.
ولا يبعد معبر رفح عن منزل عائلة عبدالله سوى نصف ساعة، لكن مع الإجراءات الأمنية أصبح يستغرق الذهاب إليه ساعة ونصف.
ومع ذلك لا يشعر عبدالله بأنه يقدم ما يستحق ويليق بآلام أبناء فلسطين، الذين نشأ على دعمهم والقضية؛ لذا قرر تأجيل عودته إلى العمل وتمديد إجازته لباقي الشهر، رغم تأثير ذلك على ميزانيته، يقول: “حان الوقت للمشاركة في القضية التي تشكل وعيي وضميري العربي".
ولن تنتهي رحلته مع الانتصار لفلسطين، إذ قرر في خطته القراءة أكثر عن تاريخ القضية، والبحث عندما يعود إلى القاهرة عن طرق أخرى لإنتاج "فيديوهات" على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لدعم القضية وتعريف العالم بعدالتها وبحق الشعب الفلسطيني في الحياة وفي وطنه وأرضه.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية اليوم، وصول عدد الشهداء والجرحي جراء العدوان الإسرائيلي إلى 4741 شهيدًا، و 15898 مصابًا وذلك منذ السابع من أكتوبر الجاري.
ومن بداية العدوان لم يُفتح معبر رفح لدخول المساعدات سوى أمس السبت فقط، إذ دخلت 20 شاحنة تضم طعامًا ومستلزمات طبية وغذاء، فيما دخلت القافلة الثانية اليوم وتضم 17 شاحنة، وكلاهما عبر معبر رفح المصري.