بين المسامير، والأقمشة، وخشب الكراسي والكنب، تمسك دعاء عبد الكريم طه المطرقة بكفيها الرقيق، لتباشر مهنة "التنجيد" وتصبح السيدة الوحيدة التي تمارسها في حي دار السلام بين "ورش" الرجال المحترفين.
دعاء سيدة أربعينية لم تسلم من الانتقاد ممن حولها لوقوفها في الورشة، و وتعاملها اليومي مع ورش و"مغالق" الأخشاب لإحضار فكان الجميع ينظر إليها باستنكار على حد قولها لانخراطها في مهنة التنجيد وهي "في النهاية ست" ـ حسب العبارات التي كانت تسمعها منهم.
استنكر البعض علي دعاء دخول عالم التنجيد الذي اعتبره البعض حكرًا على الرجال؛ إلا أن زوجها آمن بحقها في عمل ما تحب ودعمها للتميز في المجال الذي اختارته لنفسها.
وفيما يتعلق باستمرارها في تلك المهنة الشاقة، وإبداعها رغم الانتقاد، فقالت في حديثها لـ"صوت السلام" إنها تحب عملها للغاية وشغوفة به، لذلك بدأت طريقها من محل للخياطة ومستلزماتها، لتصل في النهاية إلى ورشة لتنجيد الكنب و الأنتريهات.
وبعكس المعتاد؛ لم يكن والدا دعاء عاملين في مجال التنجيد، فأبيها موظف حكومي، وأمها ربة منزل؛ ولكنها أحبت الخياطة فبدأت بالـ ملاءات والستائر، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا لإشباع شغفها وإظهار موهبتها.فعن بداية رحلتها مع التنجيد قالت دعاء: "في وقت فراغي كنت أنظر للورش حولي، وتساءلت لم لا أُنجد الكنب والانتريهات؟".
علمت نفسها بنفسها وتحملت عدد من الصعوبات قالت عنها : "لم أطلب من أحد المساعدة، وتعلمت بنفسي، عبر متابعة عمل الورش حولي، فكان الموضوع صعبًا في البداية ولكنني تعلمت".أما الصعوبات التي واجهتها سيدة دار السلام، فتخبرنا دعاء عن عدم ثقة الناس في عملها لأنها امرأة، فضلًا عن عدم دعمها بأي بتشجيع من والديها وأعمامها وأخوتها.
كما عانت في بدايتها من تعذر استكمال المعدات اللازمة للصناعة، فضلًا عن صعوبة استخدامها، إلى أن احترفت المهنة وعرفت أسرارها.
وبصوت ممتزج بالتعب والشغف تختتم دعاء حديثها قائلة: "لا زلت أعاني من حمل الكنب و أوزانها الثقيلة، فأنا منذ 8 سنوات أعمل وحدي واعتمد على ذاتي بشكل كامل".