عربة طعام عم نبيل.. فصله المصنع "دون تعويض" فأسس مشروعه الخاص

تصوير: مؤمن مسعد - نبيل وابنته أمام عربته الجوالة

كتب/ت مؤمن مسعد
2024-05-01 11:00:04

على رصيف حديقة المنتزه بشارع طرح البحر، يجلس عم نبيل بجانب عربته الجوّالة، لبيع وجبات الطعام الجاهزة، وفي ظلها يجمع أسرة كاملة مكونة من أب وأمّ وثلاث أبناء، وإحداهن تساعد الأب في مشروعه.

اشتهر نبيل في بورسعيد، بعدما نشر تدوينة قصيرة على مجموعة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، خاصة بالتعليقات على المطاعم، يشير فيها إلى صورة تجمعه بابنته الوسطى سلمى، للترويج لمشروعه بقوله: "مش معنى إن عندي 55 سنة هقعد في البيت، لأ أنا ههد الدنيا وأكافح وانتظر نتيجة ربنا في النهاية".

لقي منشور انتشارًا واسعًا يقول لـ "البورسعيدية": "بعد ما كتبت هذا المنشور ذهبت إلى النوم، وقلقت بعد مكالمة صديقي وهو يخبرني بأن ما نشرته حصل على آلاف المشاركات والتعليقات، ونصحني بتجهيز وجبات أكثر لليوم التالي، وبالفعل لم أنم طوال الليل حتى ذهبت إلى العمل في الصباح وتفاجئت بأن هناك طابور ينتظرني أمام العربة".

حادث

يحكي نبيل مزروع -55 عامًا- أنه حاصل على دبلوم صنايع قسم سمكرة سيارات وبناء سفن، وكان يعمل فني حدادة ولحام في إحدى مصانع القطاع الخاص، لكنه تعرض منذ عامين لحادث داخل المصنع أثناء العمل نتيجة الآلات، مما أدى إلى عجز عينه اليسرى، وكسر في الفك والأسنان وقطع جزء بفمه.

ويقول: "حصلت على دورات تدريبية في اللحام في الإسكندرية والاسماعيلية للتطوير من نفسي وكنت متميز طوال فترة عملي في المصنع، ولكن بسبب تعرضي لذلك الحادث فصلوني عن العمل دون صرف معاش شهري".

بعد الحادثة جلس نبيل في منزله مكتئب وعاطل عن العمل لمدة 6 أشهر، يفكر فقط في إيجاد أيّ باب رزق له ولأسرته.

حتى جاءته فكرة مشروع العربة الجوّالة، يقول: "صممت العربة بأكملها بنفسي من الحديد والصاج، داخل ورشة أحد أصدقائي، وتعاطف معي الكثير من المعارف وساعدوني في تجهيزها ماديًا، خاصة أنهم يعلمون أني ليس لي أيّ دخل آخر".

في البداية؛ وقف نبيل بالعربة أسفل منزله في حي الزهور، حيث كان يبيع غزل البنات والفشار، وبعد نصيحة أحد جيرانه قرر تغيير مكانه إلى المكان الحالي لكي يكسب شعبية أكبر.

في شهر رمضان الماضي، عمل نبيل على تقديم وجبات السحور أيضًا. يقول عن وجباته: "أستطيع صنع طعام بجودة أعلى من المطاعم والمحال الكبرى وطعم ليس له مثيل، وسر الصنعة هو المكونات مثل الزبدة والسمنة البلدي، والحليب الجاموسي، أكلات تُشبه الطعم البيتي".

"سر الصنعة"

منذ خمسة أشهر انفصلت سلمى ابنة نبيل عن زوجها ومعها ثلاثة أطفال، وفي ذلك الوقت طلبت من والدها مساعدته في العمل، ويقول نبيل بفخر: "سلمى مجتهدة وتحب العمل، يمكن أكثر مني، وعلّمتها سرّ الصنعة، وكنت أنصحها في البداية بأن تصنع الطعام بحُب لكي ينال إعجاب الناس".

وتحكي سلمى نبيل، 25 عامًا، حاصلة على دبلوم زراعة: "هذه هي المرة الأولى في حياتي التي أعمل بها، وبالرغم من ذلك لم يكن لدي أيّ خوف من العمل في الشارع، لأن والدي يرافقني طوال الوقت، وبالفعل عمري ما تعرضت لمضايقة من أي نوع، أنا ضد فكرة أن هناك مهن للستات وأخرى للرجال، بالعكس من الممكن أن تتفوق الست على الرجل في أي مهنة".

ومثلما يتشارك نبيل وسلمى في مجهود العمل يوميًا بعربتهم الجوّالة المُسمّاة "سويت ميكي"، يتشاركان أيضًا في الأمنية نفسها، وهي استقرار مشروعهم بعد الحصول على محل صغير.

وتضيف: "أبي هو الداعم الأول والأخير في حياتي، وعلّمني كل شيء عن الشغل وكنت ومازلت بحب أسمعه وأتعلم منه، أنا بشتغل يوميًا من الساعة 7 مساءً وحتى 4 صباحًا، وبالرغم من ذلك لا أملّ من الشغل، كمان لما والدي بيكون عايز ياخد اجازة أنا اللي بشجعه على النزول، خصوصًا بعد ما شفت التعليقات الإيجابية على الفيس بوك فرحت وبقيت أهتم بالمكان بشكل أكبر".

تصوير: مؤمن مسعد - مشروع عربة طعام عم نبيل