في 13 فبراير العام 2024، أصيب 8 أشخاص بكسور وكدمات متنوعة، إثر انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي الغربي جنوب محافظة المنيا، وفي اليوم التالي لَقِيَ شخصان مصرعهما وأصيب 5 آخرين بكسور وجروح متفرقة، إثر وقوع حادث تصادم آخر بين سيارتين على نفس الطريق.
الحادثان وقعا بعد قرابة 5 أشهر من افتتاح المرحلة الثانية من مشروع تطوير وتوسعة ورفع كفاءة الطريق الصحراوي الغربي، الذي أصبح الآن يصل من القاهرة إلى المنيا بطول 230 كم، وامتد حتى مدينة القوصية بمحافظة أسيوط بطول 60 كم، وعرض 6 حارات، وتكلفة إجمالية بلغت 10.4 مليار جنيه.
تلا ذلك وقوع 42 حادثًا متفرقًا خلال 2024 على الصحراوي الغربي؛ أسفرت عن مئات الإصابات والوفيات، رغم أنه يعد أحد شبكات الطرق الجديدة التي تعمل الحكومة على تدشينها وتطوير القديم منها. يتبادر الآن إلى الأذهان سؤال كيف وقعت كل تلك الحوادث في مدة قصيرة على طريق جديد كان من المفترض أن يكون أكثر أمانًا؟.
إصابات ووفيات
بحثت "المنياوية" خلف إجابة السؤال في التقرير التالي بشأن الأسباب التي قد تكون وراء الحوادث المتكررة على الطريق الصحراوي الغربي، الذي رغم كونه واحدًا من الطرق الحديثة، إلا أنه شهد العديد من الحوادث، إذ تبين أن تصميم الطريق لم يتعامل بشكل كافٍ مع بعض المخاطر التي قد تحدث بسبب السرعات العالية أو الأحوال الجوية المتقلبة؛ نتيجة توسعة الحارات بشكل مفرط وافتقار بعض الأجزاء به للإنارة؛ مما يستدعي إعادة النظر في معايير الأمان والسلامة وفقًا للخبراء.
ويدلل على ذلك، طلب الإحاطة الذي قدمته النائبة زينب السلايمي، عضو مجلس النواب، بشأن تكرار حوادث الطريق الصحراوي الغربي، موضحة أن هذا الطريق لا يوجد به إضاءة كافية للطريق ولا لوحات إرشادية ليلًا.
لا يوجد إحصاء رسمي أو غير رسمي يوضح حجم الحوادث التي وقعت على الطريق الصحراوي منذ افتتاحه، لذا استخدم مُعد التقرير المصادر المفتوحة في تحليل بيانات 42 حادثًا وقع على الطريق خلال عام 2024، استنادًا إلى أرشيف صحف الأخبار، وكشفت التحليلات أن تلك الحوادث أسفرت عن إصابة 413 شخصًا ووفاة 15 آخرين.
من المتسبب في تكرار الحوادث؟
يفسر الدكتور الحسين حسان، خبير التطوير الحضاري والتنمية المستدامة لـ"المنياوية"، وقوع تلك الحوادث على طريق جديد مثل الصحراوي الغربي، نتيجة توسعة الطريق بشكل زائد مما أدى إلى تعدد الحارات وساهم في رفع معدلات الحوادث عليه، إلى جانب افتقاره للإنارة في بعض المناطق بسبب طوله وربطه بين أكثر من محافظة.
ويوضح أن غياب اللجان الدورية للمراقبة على السائقين، هو أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في تزايد الحوادث على الطريق الصحراوي الغربي، لا سيما أن الكثير منهم يتجاوز السرعة المحددة، ويتعاطى المخدرات دون الالتزام بتحليل المخدرات قبل ارتياد الطريق.
عقوبة التعاطي
بحسب المادة 76 من قانون المرور رقم 17 المعدل لسنة 2024، يُعاقب من يقود تحت تأثير المخدرات أو المسْكرات، بالحبس من 3 أشهر إلى سنة وغرامة تتراوح بين 500 و1000 جنيه، أو بإحدى العقوبتين.
كما يعاقب المخالفون لحدود السرعة أو الذين يقودون برخصة منتهية بالحبس لمدة تصل إلى 3 أشهر وغرامة تتراوح من 100 إلى 500 جنيه بحسب ذات القانون.
أزمة النقل الثقيل
بينما يبين اللواء أحمد عاصم، الخبير المروري، أن ذلك الطريق يشهد مرور النقل الثقيل والأحمال الزائدة بكثرة عليه، وهي تدمر الطبقة الإسفلتية فتكون سببًا في تكرار الحوادث على الطريق الصحراوي الغربي الذي يعد أحد أهم الطرق بسبب ربطه بين القاهرة ومحافظات الصعيد.
يقول: "لا بد من وجود طرق أو حارات مخصصة للنقل الثقيل، يتم الفصل بينها وبين سير المركبات الملاكي، لأن النقل الثقيل يحتاج طرق ذات طبيعة خاصة".
آخر حوادث الطريق الصحراوي
اختتم الطريق الصحراوي الغربي العام 2024 بحادثتين كانا الأصعب. في 27 ديسمبر، لقى 3 أشخاص مصرعهم وأصيب 12 آخرون في تصادم مروع، بينما لقى شخص مصرعه وأصيب 9 آخرون في حادث تصادم آخر على نفس الطريق وقع في 30 ديسمبر من نفس العام.
واستمر نزيف الأسفلت عليه في العام 2025 إذ لقى شخص مصرعه وأصيب 4 آخرين في حادث على الطريق الصحراوي الغربي بالمنيا يوم 13 من يناير الجاري.
حلول وتحديات
ولوقف النزيف، يقترح الدكتور الحسين حسان، خبير التنمية المحلية، صيانة الطريق بشكل دوري من قبل الهيئة العامة للطرق والكباري، ومراجعة الحارات الزائدة، وتشديد العقوبات على متجاوزي السرعات، وتنفيذ حملات مكثفة على الطرق.
ما ذكره خبير التنمية المحلية يتسق مع رؤية اللواء أحمد عاصم، الخبير المروري، بأن الحل في الصيانة الدورية للطريق، لتلافي الأضرار التي يسببها النقل الثقيل عليها، مشددًا على ضرورة الكشف على السائقين قبل السماح لهم بارتياد الطريق: "التنمية لا بد أن يرافقها تطوير وصيانة دورية حتى لا نفقد مكاسبها".
يمثل الطريق الصحراوي الغربي بالمنيا شريانًا حيويًا يربط بين القاهرة وصعيد مصر، إلا أن تكرار الحوادث عليه يعكس الحاجة المُلحة إلى تحسين معايير السلامة والأمان عليه، لضمان توفير رحلات آمنة للسائقين والمواطنين على الطريق.