16 يومًا هي مدة حملة الـ16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة، وقعت فيهن 16 حادثة في مصر تعكس الواقع المؤلم للعنف الممارس ضد النساء، فبينما كانت وسائل الإعلام تتحدث عن الحملة التي تعمل على رفع الوعي وكسر الصمت المجتمعي تجاه تلك القضايا، كانت الحوادث تشكل صدمة حقيقية.
تتبعت محررة "باشكاتب" خلال فعاليات الحملة 16 خبرًا صحفيًا يحمل واقعة أو جريمة عنف ارتكبت ضد سيدة في مصر، ليصبح التساؤل الآن هل نحتاج 16 يومًا فقط لوقف العنف ضد النساء في مصر؟، ولماذا تستمر وقائع العنف رغم الحملات والقوانين؟.
استمرار العنف ضد النساء
تُفسّر المحامية أماني مأمون، المسؤول القانوني في مؤسسة "جنوبية حرة"، بقولها إن استمرار العنف ضد النساء في مصر نتيجة التحديات التي تواجهها النساء وقت تحرير المحاضر. تقول لـ"عين الأسواني": "من اللحظة الأولى تجد المرأة نفسها تحت ضغط العديد من الأسئلة المتكررة من أفراد الشرطة، لعدم فهم طبيعة القضايا المرتبطة بالعنف ضد المرأة، ومدى التعاطف مع الضحية، إلى جانب شعور الخوف الدائم، لذلك فإن طريقة التعامل مع الناجيات أمر بالغ الأهمية".
سبب آخر لاستمرار العنف ضد النساء في مصر تكشفه النائبة أمل سلامة، عضو لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، وهو التهاون في تطبيق العقوبة، لا سيما إذا كان ممارس العنف هو الزوج أو الأب، الذي تعطي لهم القوانين الحالية الأحقية في ممارسة ذلك العنف، مما يزيد من الجرائم ضد النساء كل عام.
8 مليون سيدة تعرضن للعنف
يتسّق ذلك مع، إحصاء صدر عن المجلس القومي للمرأة خلال العام 2023، كشف عن تعرض حوالي 8 مليون سيدة في مصر لمختلف أشكال العنف سنويًا، التي صنفها الجهاز بين العنف الأسري والمجتمعي.
ذلك ما هدفت إليه الحملة العالمية لمكافحة العنف ضد المرأة، والتي تُنظم سنويًا لمدة 16 يومًا، وتبدأ في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة أي 25 نوفمبر، وتنتهي في اليوم الدولي لحقوق الإنسان 10 ديسمبر.
وخلال العام الحالي انطلقت الحملة تحت عنوان: "كل 10 دقائق تُقتل امرأة"، مع إطلاق هاشتاج "لا عذر"، بهدف لفت الانتباه إلى التصعيد العنيف المستمر ضد النساء في مصر.
حرق وعاهات مستديمة
كما كشفت الحوادث الـ16 التي رصدناها أن الخلافات الأسرية، وطلبات الخلع، والشكوك في السلوك أسباب رئيسية أدت إلى فقدان العديد من النساء لحياتهن، أو تركت بعضهن ضحايا لإصابات خطيرة تشمل حروقًا أو عاهات مستديمة على يد الأزواج أو أفراد دوائرهن المقربة.
وبتحليل تلك الحوادث التي رُصدت، كما تذكر أماني، جاءت الطعنات بالأسلحة البيضاء كأكثر الوسائل شيوعًا في قتل النساء، تلتها حالات الذبح والحرق في المرتبتين الثانية والثالثة.
عوائق قانونية
يلقي الجميع باللوم على القانون وآلية تنفيذه وعقوبته غير المشددة، منهم النائبة أمل سلامة، التي قدمت اقتراح قانوني منذ عامين يتعلق بمعاقبة ممارسي العنف الأسري ضد النساء، لا سيما الأزواج في وقائع ضرب الزوجات.
واقترحت تعديل المادتين 242 و243 من قانون العقوبات، ليشمل تغليظ عقوبة الاعتداء البدني من أي من الزوجين على الآخر، إذ إن عقوبة تلك المادة تختص بالاعتداء على الآخر بوجه عام، وليس بين الأزواج أو النساء.
وتنص: "يعاقب كل من أحدث بغيره جرحًا أو ضربًا نشأ عنه مرض أو عجز بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين أو بغرامة لا تقل عن عشرين جنيهًا مصريًا، ولا تجاوز ثلاثمائة جنيه مصري، فإذا كان صادر على سبق إصرار أو ترصد، تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين أو غرامة لا تقل عن عشرة جنيها، ولا تتجاوز ثلاثمائة جنيه مصري".
توضح "سلامة": "أهمية القانون الآن تأتي مع تزايد حوادث العنف التي شاهدناها في الفترة الأخيرة، أرى أنه من الضروري السرعة في مناقشته لتنفيذه، فلا يوجد قانون يجرم الضرب ضد الزوجة والزوج".
وينص التعديل وفق سلامة، على أن أي شخص يعتدي على زوجته بالضرب، إذا كانت الإصابة تستدعي العلاج لأكثر من 20 يومًا، يُعاقب بالسجن مدة تتراوح من سنة إلى 3 سنوات مع غرامة مالية قدرها 5 آلاف جنيه، أما إذا استخدمت أداة حادة مع سبق الإصرار والترصد تكون العقوبة السجن من 5 إلى 7 سنوات.
أسباب العنف ضد النساء
ويصف الدكتور عبداللاه صابر عبدالحميد، وكيل كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة أسوان، العنف ضد المرأة بأنه ظاهرة ذات أبعاد اجتماعية معقدة، تتفاقم تدريجيًا بفعل مجموعة من العوامل المترابطة.
وأوضح لـ"عين الأسواني" أن بعض الأعمال الدرامية والأفلام تحرض على العنف ضد المرأة، إلى جانب الضغوط الاقتصادية التي تلعب دورًا كبيرًا في تفشي العنف، حيث تجعل الرجل أكثر عصبية تجاه أسرته، مؤكدًا أن ذلك ليس مبررًا للعنف، ولكنه أحد الأسباب.
وبجانب الحملات العالمية التي تخص العنف ضد المرأة هناك مبادرات محلية، مثل حملة: "مطلب موحد قانون موحد"، التي أطلقتها هذا العام المؤسسة النسوية "المرأة الجديدة" ضمن مشروع الحماية التشريعية لمواجهة العنف ضد النساء للوصول إلى قانون موحد للعنف ضد المرأة.
أثر العنف ضد النساء
وهذه المبادرة هي المحاولة الثانية على التوالي لتقديم هذا المشروع، الذي تبنته النائبة نادية هنري في عام 2018، إلا أنه تعطل نتيجة غياب الإرادة السياسية، إذ يتضمن سبع أبواب.
وعن آثار العنف ضد المرأة، يقول وكيل كلية الخدمة الاجتماعية، إنه يؤثر على هيكل الأسرة ككل، حيث تُصاب المرأة بآثار نفسية سلبية تنعكس على دورها داخل الأسرة، مما يؤثر على الأبناء، إذ يبدأ الأطفال في تقبل العنف كتصرف طبيعي وتنشأ الفتيات على ذلك، مما يهدد سلامة الأسرة.