في أكتوبر الماضي شهد ثلاثة آلاف زائر احتفالية تعامد الشمس علي وجه تمثال رمسيس الثاني بمعبد أبو سمبل، بحسب بيان رسمي لإدارة السياحة بديوان المحافظة، وبرغم الرواج السياحي للمزارات الفرعونية بأسوان إلا أن آثارها الإسلامية لا تحظى بالانتشار نفسه.
ويعتبر علاء أبو الدهب مدير منطقة آثار أسوان الإسلامية والقبطية، إن هذه الآثار ليست بشهرة الفرعونية حتى لسكان أسوان أنفسهم.
ويقول أبو الدهب لـ "عين الأسواني"، إن الإقبال على الآثار الإسلامية في الصعيد يختلف عنها في القاهرة، لأن هناك تتواجد الآثار الإسلامية وسط مناطق حيوية بالسكان، ولكن في أسوان يصعب وضعها ضمن برنامج زيارات بسبب وجودها في مناطق متطرفة بالمدينة، بعيدًا عن خط المواقع الأثرية، باستثناء قبة الهوا لأحد الأولياء يدعى"سيدي علي بن الهوا" وسميت القبة على اسمه من الأكثر إقبالا عن الأثار الأخرى.
وتقع قبة أبو الهوا علي البر الغربي لمدينة أسوان، ويعتبر سفح الجبل بإضاءاته المميزة واجهة أيقونية للمدينة، وبرغم أن الجبل يضم واحدة من أشهر المقابر الفرعونية، وهي مقابر النبلاء، إلا أن الجبل مشهور بأبرز الآثار الإسلامية بالمدينة.
موقع بعض الآثار الإسلامية البعيد عن المدينة ليس السبب الوحيد لعزوف السائحين، فبرغم عدد الزوار الكبير لموقع المسلة الناقصة ومتحف النوبة إلا أن الجبانة الفاطمية تقع بين موقع المزارين ولا تحظى بالإقبال السياحي نفسه، أو خطة الزيارات الرسمية بالمحافظة.
وعثر في هذه الجبانات على أقدم شاهد قبر يعود لسنة 31 هجرية باسم عبدالرحمن الحجزي، ومعروض حاليًا بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة.
من أكبر الآثار الفاطمية في أسوان "طابية الفتح" التي تعرضت للهدم في مايو من العام الماضي، وتعتبر الطابية مسجلة بقرار وزاري كأثر لسنة 1951 برقم 10357 واستخدمت كطابية حربية و دينية جنوب أسوان على قمة مرتفعة على النيل من جهة الغرب وشرق القباب الفاطمية.
وقال مصدر بهيئة آثار أسوان طلب عدم ذكر اسمه: "هدم الطابية لإستكمال مشروع إنشاء خزان مياه ضمن مشروع تطوير جاري بالمنطقة، وأن الآثار الإسلامية بأسوان متوفرة للزيارة وبدون تذاكر دخول ومن ضمنها طابية الفتح".
وتقول الدكتورة مونيكا حنا، الباحثة في علم المصريات وعميد كلية الآثار بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري بأسوان: "إن طابية الفتح لم يكن محيطها في الأصل مؤهل لزيارات السائحين كالآثار الأخرى، وهذا واحد من أسباب عزوف السائحين عنها، ورغم أنها موثقة كأثر إسلامي بالوزارة، ويمكن إعادة بنائها بنفس شكلها القديم وتجهيزها لاستقبال الزيارات".
تتواجد الآثار الإسلامية في أسوان كموقع حدودي وامتداد للدولة الاسلامية، مركز بناء الحصون والمآذن التي اتخذت دورًا دينيًا وحربيًا مثل طابية الفتح التي كانت شاهدة على الحروب لتأمين الحدود الجنوبية حتى عقد اتفاقية "البقط" في عهد الخليفة "عثمان بن عفان" مع مملكة "المقرة" بالجنوب سنة 651 م.
ويقول عنها"علاء أبو الدهب" مدير منطقة آثار أسوان: "بعض من دولة النوبة من الذين رفضوا الانضمام للدولة الإسلامية استمروا في الحرب، وخلال تلك الحروب تبقى قبور المحاربين وقبور أخرى لعائلات هذه العصور امتدادا من مقابر العناني حتى مدينة باب بالشلال، وما يميز العصر الفاطمي عن العصور الإسلامية التي بقى أثرها في أسوان،هي القباب التي بناها الفاطميون على المقابر والتي لم تكن موجودة من قبل ويعتبر هذا العصر من أكثر العصور التي يوجد بها شواهد".
في منتصف العام الماضي بدأت وزارة السياحة والآثار المصرية، خطة جديدة لتطوير الجبانة الفاطمية. يقول عنها الدكتور "حسن محمد جبر" مدير عام إدارة المتابعة الفنية والأثرية لمناطق آثار مصر العليا،لـ "عين الأسواني"، إن مشروع تطوير الجبانة الفاطمية بدأ سنة 1996 عن طريق بناء سور حول الجبانة وبحلول عام 1999 تم إنشاء مخزن متحفي وقاعة لعرض شواهد القبور والقطع الأثرية.
ورممت وزارة السياحة والآثار بالتعاون بعثة المعهد الألماني السويسري بالركن الشمالي، مناطق متفرعة بالجبانة عن طريق عمل منصات وترميم قباب ترجع لعصور مختلفة وتسوية الطرق للقباب التي يعود عمرها لأكثر من 1300 عام بالإضافة إلى لوحات ارشادية.
أما عن آخر عمليات التطوير، قال الدكتور "حسن محمد" قائلًا: حاليا يقوم مركز هندسة الآثار البيئية بجامعة القاهرة بدراسة مشكلة المياه الجوفية وبيان أماكنها التي تسبب ظهور نبات الهيش الذي يغطي القباب والرؤية البصرية لإعدادها مستقبلًا كمزار سياحي مفتوح للزائرين.
وتعرضت الجبانة الفاطمية للحريق مرتين مرة بعام 2018 و2021 نتيجة احتراق نبات الهيش دون تعرض القباب للضرر بحسب تصريحات سابقة لهيئة الآثار ولم تكن الجبانة الفاطمية وحدها من الأثار الاسلامية التي تعرضت للضرر ، فبحسب تقارير صحفية سابقة، تعرضت قبة المعداوي عام 2015 لآثار للتحطم والتكسير أثناء الاستعداد لاحتفالية سمبوزيوم أسوان للنحت وذلك إثر تعطل واحدة من معدات الرفع الثقيلة المستخدمة بجوار الموقع وسقوطها فوق القبة ما تسبب في وقوع أضرار بالقبة العلوية،وتم اصلاحها وترميمها بنفس العام،وتعتبر قبة المعداوي ثاني القباب الفاطمية المسجلة بأسوان.
وبجنوب قرية الشلال تقع "مئذنة بلال" واحدة من ثلاث مآذن فاطمية،بُنيت عند البوابة الجنوبية كحماية ضد الهجمات الخارجية ومئذنة بلال هى واحدة من نماذج العمارة الحربية بأسوان يعود تاريخها لسنة 480 هجريًا، وفي عام 2019 قامت وزارة السياحة والأثار،بتحديد الحرم لمئذنة مشهد بلال، وتحديد النطاق المكاني لها.
وأعرب علاء أبو الدهب، مدير منطقة آثار أسوان الإسلامية والقبطية، عن أن الهيئة قدمت للوزارة خطة تطوير ترميم المئذنة ضمن السنة المالية لعام 2021 وفي انتظار الموافقة، ولكن التطوير يرجع للأولوية من حيث الآثار القريبة من المناطق السكنية أو التي تتعرض لمخاطر أكبر كالجبانة الفاطمية التي بدأ بالفعل خطة تطويرها.