حظيت رواية "نبوءة قصر السلطان" بإقبال كبير من القراء، بفضل الأسلوب المشوق الكاتبة المصرية مروى جوهر المشوّق، واستعرضت الرواية، الصادرة عن دار دون للنشر والتوزيع، فترة حكم السلطان الناصر حسن بن محمد بن قلاوون في الدولة المملوكية.
وتعتبر مروى جوهر كاتبة مصرية بارزة، اشتهرت بتأليف الروايات التي تمزج بين الغموض والتاريخ والرعب، وتتميز أعمالها بالحبكات المتقنة والأسلوب الذي يجذب القراء من الصفحة الأولى. من أبرز رواياتها؛ منزل التعويذة، عمارة آل داوود، يحدث ليلًا في الغرفة المغلقة وسرداب قصر البارون.
تدور أحداث الرواية حول شخصية "حكيم"، وهو رجل مهووس بالتاريخ والآثار. يقرر حكيم ترك وظيفته في بنك استثماري حتى يعمل مرشد سياحي، ويعود للعيش في منزل قديم ورثه عن عائلته في منطقة زقاق المستكفي بالقاهرة، رغم اعتراض زوجته على هذا القرار. بعد انتقاله، تبدأ في مطاردته أحداث غير عادية وظواهر خارقة للطبيعة تجعله يقف في منطقة غامضة بين الماضي والحاضر، غير قادر على فهم الرسائل الغامضة التي يتلقاها.
بالتوازي مع قصة حكيم في الزمن الحاضر، تأخذنا الرواية إلى فترة حكم السلطان الناصر حسن بن محمد بن قلاوون في القرن الثامن الهجري، مستعرضة صراعات البلاط الحاكم والمؤامرات التي كانت تدور في تلك الفترة، تتجسد هذه الأحداث أمام أعين القارئ في ومضات خاطفة تربط بين حياة حكيم وتلك الحقبة التاريخية.
يعيش حكيم حالة من الاضطراب والقلق النفسي نتيجة للأحداث الخارقة التي تواجهه. يبدأ بالتشكيك في سلامته العقلية عندما تتكرر الظواهر الغامضة، لكنه في الوقت ذاته يشعر بفضول شديد يدفعه للتعمق في البحث عن حقيقة ما يحدث.
تتصاعد مشاعر الخوف والريبة مع اكتشافه أن النبوءة القديمة التي تعود إلى زمن السلطان الناصر حسن قد تكون مرتبطة به شخصيًا، مما يضعه في مواجهة مباشرة مع ماضيه وحاضره.
رغم هذه الضغوط، يختبر حكيم لحظات من الشجاعة والإصرار، حيث يدرك أن عليه فك شفرة هذه النبوءة لحماية نفسه وعائلته، مما يدفعه إلى خوض رحلة مشوّقة لاستكشاف أسرار قصر السلطان والمكائد التي أحاطت به.
استطاعت الكاتبة مزج بين الحاضر والماضي، حيث تتنقل الرواية بسلاسة بين زمنين مختلفين، مما يُعزّز شعور القارئ بالاندماج في عالمين متوازيين، كما أن الرواية قدمت تصويرًا دقيقًا للحياة الاجتماعية والسياسية في عصر المماليك، مع التركيز على صراعات السلطة والخيانة داخل البلاط، تركت الرواية أيضًا طابع من الغموض والتشويق، مُثيرة أجواء مرعبة وغامضة، إذ تطارد البطل فيه أصوات وظواهر خارقة، مما يعزز عنصر التشويق.
تلعب النبوءة، التي تحمل عنوان الرواية، دورًا مركزيًا في حبكة القصة، حيث تمثل الرابط بين العالمين والزمنين.
كقارئة، أرى أن رواية "نبوءة قصر السلطان" من الأعمال التي تناسب عشاق الروايات التاريخية والغموض، حيث تجمع بين الحبكة المشوّقة والأبعاد النفسية لشخصياتها. تُظهر الرواية براعة الكاتبة في تصوير الأماكن والأزمنة بشكل حيّ، مما يجعل القارئ يشعر وكأنه يعيش تفاصيل الأحداث بنفسه، ويشعر بكل إحساس وشعور من كل الشخصيات.