تُعدّ المواقع مجهولة المصدر من الوسائل الخطيرة والشهيرة التي يستخدمها المخترقون للوصول إلى بيانات المستخدمين بشكل غير قانوني، مما يُعرّض المستخدمون لخطر السرقة المالية أو انتهاك الخصوصية، فانتشرت هذه الحوادث عالميًا ومحليًا، مما دفع عدد من حكومات الدول لسن قوانين جديدة تحمي المواطنين من هذه الجرائم الإلكترونية.
تعتمد هذه الروابط على استخدام تقنيات الهندسة الاجتماعية لجذب المستخدمين للنقر عليها، مثل إغراءات بالحصول على جوائز أو عروض خاصة، فبمجرد النقر على الرابط، تُوجّه المستخدم إلى موقع مزيف أو يجري تحميل برمجيات خبيثة على جهازه، مما يمنح المخترقون القدرة على سرقة معلومات حساسة، مثل كلمات المرور أو أرقام البطاقات الائتمانية، غالبًا ما تكون هذه الروابط مُموهة حتى تبدو شرعية، لكنها تحتوي على رموز خبيثة تفتح للمهاجمين بابًا خلفيًا للوصول إلى بيانات الضحية.
ووفقًا لتقرير صادر عن "مركز شكاوى جرائم الانترنت" التابع للمباحث الفيدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية، لعام 2022، بلغ عدد شكاوى الاحتيال الإلكتروني المتعلقة بالمواقع المجهولة المصدر نحو 800,944 حالة في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، مما أدى إلى خسائر مالية تجاوزت 10.3 مليار دولار، تشير هذه الأرقام إلى تزايد انتشار هذه الحوادث على مستوى العالم، إذ تستهدف الهجمات أفرادًا وشركات على حد سواء.
في تقرير آخر صادر عن "يوروبول" في عام 2023، أُبلغ عن أكثر من 3.4 مليون حالة احتيال إلكتروني في دول الاتحاد الأوروبي، مما يُظهر مدى انتشار هذه الظاهرة في أوروبا أيضًا.
أما في مصر، فقد ازدادت عمليات الاحتيال الإلكتروني عن طريق الروابط والمواقع مجهولة المصدر في السنوات الأخيرة، ولعل هذا الأمر حدث مع صديقتي المقربة، إذ تلقت رسالة توظيف على واتساب مفادها أنها يمكنها كسب الأموال والعمل عن بعد. كل ما في الأمر أنه طُلب منها النقر على روابط وتقوم بعمل مشاركات على صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة، ووافقت بالفعل، وبعد أول يومين طُلب منها معلوماتها البنكية لإرسال المال إلى حسابها.
عندما رفضت، تفاجأت بأن اللابتوب الخاص بها لا يعمل، وحينما تحاول تشغيله تظهر لها شاشة زرقاء بداخلها رسالة: "إذا كنت تريد فتح الجهاز، الرجاء إرسال 50 BTC" (وهذا رمز عملة البيتكوين) للحساب الآتي. هذا بالإضافة إلى سرقة حسابات السوشيال ميديا الخاصة بها.
اهتمت السلطات المصرية بمكافحة جرائم الاحتيال الإلكتروني منذ فترة طويلة، حيث أُصدر القانون رقم 175 لسنة 2018 المعروف بقانون "مكافحة جرائم تقنية المعلومات". ينص هذا القانون على تجريم استخدام الروابط والمواقع المجهولة لاختراق أجهزة المستخدمين أو سرقة بياناتهم، ويعاقب كل من يقوم بذلك بالسجن وغرامات مالية كبيرة. جاء هذا القانون ليحل محل قوانين قديمة كانت أقل فعالية في التصدي لهذا النوع من الجرائم.
قبل قانون 2018، اعتمدت مصر على قانون الاتصالات رقم 10 لسنة 2003، الذي كان محدودًا في مواجهة التطور السريع لجرائم الإنترنت. التُفت بجدية لهذه الحوادث في الفترة ما بين 2016 و2018، إذ تزايدت شكاوى الاحتيال الإلكتروني، مما دفع الحكومة لتحديث التشريعات.
ولتجنب الوقوع في هذا النوع من الاحتيال، يُنصح باتخاذ عدة خطوات قبل الدخول على أي رابط أو موقع غير معروف:
-التحقق من مصدر الرابط: لا تنقر على الروابط التي تأتي من مصادر غير موثوقة أو مجهولة. استخدم أدوات فحص الروابط قبل فتحها، ولعل أشهر هذه الأدوات هي Google Safe Browsing، المقدمة مجانيًا من جوجل وتوفر قائمة بعناوين مواقع الويب التي تتضمن برمجيات خبيثة أو محتوى تصيد.
-استخدام برامج الحماية: ثبّت برنامج مضاد للفيروسات وبرامج حماية الإنترنت التي تفحص الروابط والمواقع تلقائيًا.
-الابتعاد عن الروابط المرسلة عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية المشبوهة: خاصة تلك التي تدعي أنها من شركات كبيرة وتطلب منك إدخال معلومات شخصية.
-البحث عن HTTPS: تأكد من أن الموقع يبدأ بـ"https" وليس "http"، لأن المواقع الآمنة فقط تستخدم هذا البروتوكول.
-استخدام التحقق بخطوتين: في حالة سرقة كلمة المرور، يساعدك هذا الإجراء في حماية حساباتك الشخصية.
في النهاية، يجب أن يكون الوعي بمخاطر الروابط والمواقع مجهولة المصدر جزءًا من الثقافة العامة لحماية المستخدمين من الوقوع ضحايا للجرائم الإلكترونية، لذا فمن الضروري أن توجّه الحكومة جهودها إلى التوعية مجتمعيًا عبر إقامة فعاليات وندوات تثقيفية حول هذا الأمر، مع استهداف الفئات العمرية الأكبر، لأنهم الأكثر عرضة. كما ينبغي توخي الحذر عند التعامل مع الروابط غير المعروفة لتقليل عدد الحوادث وزيادة الأمان الرقمي للجميع.