يوجد كثير من حاالت "داون" يخاف منهم بعض الناس، وقد ال يتعاملون معهم باعتبارهم أطفااًل أوبشًرا، ويظن البعض أن أطفال الـ"داون"
.عدائيون، لكنهم ال يدركون أنهم سبب ذلك العداء
ولكن لم يدرك المجتمع الطبيعة الخاصة ألطفال الـ"داون"، وما يتمتعون به من مواهب متميزة، وما يحتاجونه من دعم حتى يكبرون، ويصبحون
.نافعين ألنفسهم ومجتمعاتهم
ونعرض لكم قصة محمود الذي حاربت والدته كثيًرا من أجله ـ وال تزال ـ ال سيما وأنها تعمل في مجال ذوي الهمم، ولديها خبرة طويلة ساعدتها
.في اكتشاف مرض ابنها منذ والدته، من 19 عام
تقول في حديثها لـ"عين األسواني": "ألني مدرسة تخاطب كنت أعلمه التخاطب، لكنني عملت معه على تعديل السلوك أكثر؛ فلقد عملت لمدة 13
سنة مع ذوي االحتياجات الخاصة قبل أن ألد محمود، كما عملت في حضانة التأهيل في سنة ٩٠ ،وحضرت دورات تدريبية في القاهرة في
."حضانات ومراكز ذوي الهمم، خصوًصا المكفوفين وضعاف السمع، والبكم
وتكمل: "عندما اكتشفت أن محمود "داون" بدأت أساعده بكل ما تعلمته من عملي، وبدأت تعليمه من بداية طريقة دخول المرحاض والتصرف
"به، وعندما أصبح لديه 6 شهور تعاملت معه على أنه طفل طبيعي، فال يشعر من حولنا بأي اختالف فيه
سافرت إلى القاهرة وجميع األطباء أخبروني أن نسبة الذكاء لديه مثل األطفال العادية، والفرق فقط في أن لديه نسبة تأخر وأن نسبة "الداون" لديه
بسيطة جًدا ال تذكر، وقدمت له في حضانات مثل األطفال الطبيعية، ثم المدارس العادية في االبتدائي واإلعدادي وحتى هذه السنة في الدبلوم،
."وهذا بفضل محافظ أسوان األسبق ـ رحمه اهلل ـ سمير يوسف
المحافظ األسبق ساعد جمعية اإلعالميين عندما تقدموا بطلب إلدخال بعض أطفال الجمعية إلى مدارس عادية، فطالبهم بإجراء لقاءات مع"
األطفال ليرى إذا كانوا مؤهلين لاللتحاق بالمدارس العادية، وعندما تحدث مع محمود أحس أنه طفل طبيعي ويمكن أن يدخل مدارس عادية
.فأعطاني طلب لكي أقدمه للمدرسة" ـ تحكي لنا والدة محمود ـ
قدمت والدة محمود طلب انتداب في التربية والتعليم لتبقى بجانب ابنها، بعدما كانت تعمل في الشؤون، ولكنها لم تالحظ أي تنمر على حالة ابنها
من زمالئه، قائلة: "أعتقد لم يتكلم أحد ألني موجودة معه في المدرسة، كنت أدخل الفصل وأتكلم مع األطفال، وأقول لهم إن محمود أخاكم
."وصديقكم، قد يختلف عنكم قلياًل فهو متأخر قلياًل في النضج، وشكله متغير ألنه يشبه والده كثيًرا
."حاولت أفهمهم بهذه الطريقة، وأبعد عن أفكارهم فكرة أن محمود غير طبيعي"
تتابع: "عندما تعامل محمود مع الناس لم يخف، ألني من البداية كنت
أسافر به وأخرج بين الناس، وأجعله يتعامل معهم دون خوف، كما كنت حريصة على حضوره األفراح لكي يأخذ على الناس والجو، شيء
."طبيعي تعامل محمود مع الناس ألني لم أحبسه أو أخفيه عن الناس بالعكس
لم يكن في فترة دخوله المدرسة في وعي نهائي وكان يطلق عليه بعض الناس "أهبل" ألنهم ال يفهمون معاناته ، ومحمود عندما يشعر بأن"
شخص يتنمر عليه أو يبتعد عنه هو الذي يبتعد عنهم من نفسه، وإذا شعر بأن الشخص يريد أن يتحدث معه يجلس ويتحدث عن كثير من
."األشياء
عندما أجده جالس منعزل أذهب إليه يشكو لي وصف بعض الناس له بعدم الفهم، فأساله هل أنت ال تفهم فعاًل؟ انت ترتدي مالبس جميلة،"
."ووجهك ال شيء فيه، والمدرسون في الفصل يحبونك
طبًعا أشكر المدرسين ألنهم كانوا دائًما متابعينه في الفصل، و يركزون معه ويهتمون به كثيرا، كما أنه كان يحب المشاركة، فإذا جاوب شجعته"
."المعلمة وطلبت من األطفال التصفيق له
تتذكر: "في الشهادة االبتدائية ظنت المدرسة أنه ال يعرف الكتابة، فحاولت مساعدته، لكنه تضايق جًدا، وبكى وانفعل، ألنه شعر باإلهانة، كنت
أجلس في الشارع أنتظره، فجاء إلي بعض المدرسين يخبروني ببكائه، فذهبت إليه وقمت بتهدئته، وأخبرته أن المعلمة ال تقول له أنه ال يعرف
."يكتب
."بعد ذلك دخل مدرسة مهني لمدة ثالث سنوات، واآلن هو في دبلوم زخرفي ثالث سنوات قسم زخرفة"
تستكمل: "عندما كان لديه 5 سنوات، بدأ بإمساك القلم والكتابة به في كل مكان وبعد ذلك بفترة قليلة، بدأ يرسم مالمح، وعندما بلغ 7 أعوام، بدأت
مرحلة البحث أذهب به إلى قصر الثقافة وأسافر به القاهرة وأماكن الرسم والنادي، واكتشفت أيضا أنه يحب الموسيقى، فأحضرت له "أورج"في
."يوم ميالده، لكن أتمنى ان يتبنى موهبته أحد، ألن محمود يعمل نفسه بنفسه
وتضيف: "أنا نفسي مدرس موسيقى يعلمه المبادئ، محمود يحاول البحث عبر الموبايل، ويبحث ويعلم نفسه، لكني أتمنى أن يعلمه متخصص،
فالرسم أيًضا تعلمه مع نفسه، ذهبت به إلى قصر الثقافة مثل باقي األطفال لم يجد اهتمام؛ وألني نوبية كنت آخذه أفراح في البلد وعندما نعود كان
."يرسم كل شي في الفرح بدقة وبجميع التفاصيل التي حدثت
لدي أيضا أحمد في الصف الثاني الثانوي، يشعر أننا نحب أخاه أكثر، فيوجد بعض الغيرة من أحمد لمحمود، أحاول أن ألغي هذا الشعور إذا"
."اشتريت شيء لمحمود اتصل به وأخبره هل تريد أن اشترى لك شئ؟، أحاول أن أفهمه ان أخاه يختلف عنه في كثير من األشياء
يقول لماذا ال تغضبون على محمود عندما يتعصب مثلي رغم أنه يكسر كثير من األشياء عندما يتضايق، أحمد يتعمد أن يعاند ويضايق في"
."محمود مثل باقي األخوات في البيت، لكن رغم ذلك ال يستطيعون الجلوس فى المنزل من غير بعض
في مرة استفزه أحمد كثيًرا جعله يمسك طوبة ويكسر باب الثالجة، حضنته هدي تماًما، فوجدته يقول: أنا ليه عملت كده ويعتذر كثيرا ألنه فعل"
."ذلك الشي، لكن عندما يمرض أحد منهم يتأثر الثاني كثيرا
عندما يجلس محمود في المنزل يصبح انطوائي جًدا، في الخارج دائما يكون مع أصدقائه ويلعب، عندما ندخل إلى المنزل يصبح وحيًدا تماما،"
"يجلس على الموبايل أو يرسم أو يلعب على األورج فقط، وال أعتقد أنه سوف يأتي عليه يوم ويترك الرسم او الموسيقى ألنه يعشقهم
وعن نظرة المجتمع؛ تقول: "عمري ما ركزت مع نظرات الناس البني وعندما أرى شخًصا يركز معه كثيًرا، أخبره: )أنا عارفه إن ابني قمور
."عشان كده حضرتك بتبص عليه(، لكني لم أستعر منه أو أخبئه من الناس أبًدا
بالنسبة ألهلي يحبون محمود كثيرا ويتحدث مع اخواتي واطفالهم أكثر مني أنا شخصًيا، ولدي أخ في الكويت كل يوم يتحدث مع محمود لدرجة"
أنه يقول لي إنه يعرف جميع أخبارنا من محمود؛ فهو ودود وإذا علم أن اليوم عيد ميالد أحد من أقاربنا يقدم له التهنئة على الفيس بوك، ويرسل
."له فيديوهات وصور
ظهر لدي كانسر وكان ميعاد جلسة كيماوي لم أذهب إلى الجلسة من أجل إمتحان محمود وأجلتها لمدة أسبوع، ولم أشعر نهائي بأني ضغطت"
."على نفسي في يوم من األيام؛ ألني إذا مرضت ال يخرج هو من المنزل نهائي من دوني ويجلس معي حتى أتحسن
في فترة مرضي كان يبكي ألنه يعلم أنني في المستشفى ومريضة وبأخذ عالج وال أستطيع الخروج، وممنوع أن يجلس في المستشفى، فالفترة"
كانت صعبة جًدا عليا وعليه، فهو مرتبط بي كثيرا، لم ينم طوال اليوم، أو يأكل أو يشرب، كان يبكي فقط حتى أحضروه للمستشفى ومعه طعامه
."ليأكله معي
وبشيء من االمتنان تقول: "أنا ربنا بيحبني بسبب محمود، ألني دخلت لمدة ثالث مرات في غيبوبة موت، وعدت للحياة منها لدرجة أن األطباء
."يستغربون يقولون نحن ال نصدقك نجاتك منها
."وتختم حديثها: "أحب أقول لكل شخص بيخبى طفله إن هذه األطفال خير في المنزل، فوجودهم في المنزل عبارة عن نعمة يأتون بالحنية والحب