الأسعار تشعل "سعف العيد" في سوهاج

تصوير: رنا محمد - أحد الأطفال يحمل سعفًا بعد شراءه في سوهاج

كتب/ت رنا محمد
2025-04-14 15:41:54

احتفل الأقباط، أمس الأحد 13 أبريل،  بـ"أحد الشعانين"، حيث انتشر بائعو "السعف" فى شوارع محافظة سوهاج، فيما يحرص الأسر المسيحية على شرائه خلال تلك المناسبة كل عام، ويحيي "أحد السعف" ذكرى دخول السيد المسيح إلى مدينة القدس ، واستقبال أهالى المدينة له بأغصان الزيتون والنخيل.

وخلال ليلة العيد افترش رمضان علي، 51 عامًا من مركز أخميم، منطقة الشرق بمدينة سوهاج ببضاعته من السعف على ناصية شارع عالم التصوير، ليشارك الأقباط في عيدهم.

زيادة

يقول رمضان :"أعمل في بيع السعف ليا 40 عامًا، كنت أساعد والدي الله يرحمه، في تجهيزه، ففي ليلة العيد، كنا نخرج قبل شروق الشمس، نتسلق النخيل لجمع السعف الطازج، ثم نجهزه وننقله لسوهاج، ونحرص على أن يكون السعف طازج، أخضر اللون، وسهل التشكيل، عشان يعجب إخوتنا الأقباط".

يستطرد رمضان فى حديثه قائًلا " أسعار السعف هذا العام زادت شوية، أبسط شكل كان بـ10 جنيه العام الماضي، دلوقتي بـ20 جنيه".

بجواره  يقف حسن جمال ذو الـــ 33 عامًا والذى جاء من مركز جرجا فيقول  "أنا بشتغل فى بيع السعف، من وانا عندي 15 سنة، بشتري السعف من البائعين، وليلة العيد قبل شروق الشمس بكون فرشت السعف لبيعه.

 أما عن الأسعار فيقول حسن اختلفت عن الأعوام الماضي ، فكان السعف زمان بجنيه و 2 جنيه، السنة دي مفيش اقل من 10 جنيه، وأغلب الأسعار تتراوح مابين  25 و30 جنيهًا.

الجودة والكمية

يقول مينا جورج ذو الـ 28 عامًا ويقطن بمركز أخميم بسوهاج، منذ صغري يمثل عيد السعف لى الكثير من البهجة والفرحة، حيث اعتادت منذ  أن كنت في العاشرة من عمري، على مساعدة  أهلي في شراء السعف من السوق، كانت دائمًا ما تعجبني الأشكال المختلفة التي يتفنن فيها الباعة، فالسعف في مدينتنا يتميز بأشكال متعددة، من التموجات البسيطة إلى الأشكال الهندسية المعقدة التي يصعب تصديق أنها صُنعت يدويًا، كما كنت أستمتع بمشهد الأطفال وهم يحملون السعف بأيديهم، وكانت ابتسامتهم تشع بالحياة، وفي كل عام ألاحظ كيف يُبدع الناس في منطقتنا بصنع أشكال جديدة من السعف تضيف على المكان روحًا مختلفة.

يستطرد مينا فى حديثه قائًلا،  في يوم العيد، كنت أذهب مبكرًا قبل شروق الشمس، لأختار أفضل السعف، وأذهب مع أصدقائي لنفرشه في أماكن الاحتفال، كان المنظر أشبه بلوحة فنية ضخمة يزينها السعف المنتظم والألوان الخضراء الزاهية، لكن هذا العام كان مختلفًا، فالأسعار ارتفعت بشكل ملحوظ، والسعف قل من حيث الجودة والكمية، كما لاحظت أن عدد الباعة أقل  هذا العام بسبب الغلاء، ففي السابق، لم يكن الأمر يتطلب مالًا كثيرًا، أما الآن فقد يصل ثمن السعف إلى خمسون جنيهًا.

مستقبل العادة

تسترجع عفاف كيرلس، 75 عامًا،، ذكرياتها مع السعف في مركز طما، قائلة " فى الماضي،كنا نذهب في الصباح الباكر إلى السوق لنختار السعف الطازج، ثم نعود إلى المنزل لنشكله بأيدينا، نصنع منه الأكاليل  وكان جميع أفراد العائلة يشاركون تلك الأجواء، من الكبير إلى الصغير، كانت والدتي تقول لنا دائمًا: السعف مثل الحياة، كل ضفيرة فيه تمثل لحظة سعادة، وكانت تضفره أمامنا ببراعة، وبعد زواجي، علمت ابنتي سامية هذه العادة، فكنا نشتري السعف ونشكله سويًا، والآن سامية بدورها علمت أبناءها نفس الشيء".

ثم تستطرد عفاف فى حديثها  قائلة "أصبحت أشعر بالخوف، فغلاء الأسعار بات يهدد استمرار هذه العادة الجميلة، التي نحرص على توارثها جيلاً بعد جيل، أخشى أن يأتي يوم لا يتمكن فيه أحفادي من شراء السعف أو تشكيله، ليس لأنهم لا يريدون، بل لأن تكلفة الأمر أصبحت باهظة، بشكل يتطلب تخطيط مالي، فاليوم أصبحت التكلفة عبئًا على الأسر، ففى هذا العام أنفقنا نحو الـــ 150 جنيهًا فقط على السعف، بينما في العام الماضي لم تتجاوز التكلفة الــ 50 جنيهًا،وفي الماضي  كانت الكمية نفسها لا تتعدى الــ 5 جنيهات، فالتغيير السريع في الأسعار جعلني أتساءل: هل ستظل هذه العادة باقية في ظل هذه الظروف؟ وهل سيظل الأطفال يشعرون بقيمتها كما كنا نشعر نحن قديمًا؟".

جيل جديد

وتقول إيفلين مجدي، ذات الـ 42 عامًا والمقيمة بمركز مدينة سوهاج،: "العيد لا يكتمل دون شرائي للسعف، لأنه جزء من طفولتي وحياتي، أحيانًا أضحك حين أرى ابني يحاول تشكيل السعف بمفرده، لكن بداخلي اشعر بالفخر، لأنه يحب هذه العادة ويتمسك بها، أحاول أن أنقل لهم هذه التقاليد بكل حب، حتى تظل حية ومتجددة في كل جيل".

وتختم إيفلين حديثها قائلة "لكن في الحقيقة، فى كل عام ترتفع فيه الأسعار، يجعلنى أشعر بالقلق، لأن استمرارنا على هذا المنوال ستؤثر على هذه العادة رغم ارتباطنا العاطفي بها، فهذا العام اشتريت السعف بــ 75 جنيهًا، مع أن السنوات الماضية اشتريت نفس الكمية بحوالي خمسين جنيهًا، وأحيانًا كانت لا تتجاوز الثلاثين جنيهًا، أما الآن الكمية أصبحت أقل والسعر أعلى.

بدون سعف

لم تشتري ماريان فوزى ذو الـ ٤٧ عامًا هذا العام شيئًا من الزعف فتقول لـــ أهل سوهاج "اعتدتُ كل عام أن أشتري السعف وأشكله مع أسرتي، لكن هذا العام لم أستطع، فعندما سألت عن الأسعار وحسبت الكمية التي تكفيني، وجدت أن الأمر تجاوز الخمسين جنيهًا، لأن عائلتنا كبيرة مكونة من سبعة أفراد، فاضطررت إلى عدم الشراء هذا العام بسبب الغلاء، وهذا جعلنى أشعر بالحزن على عدم مقدرتي على شرائه، فلقد فقدنا طقسًا من الطقوس الدينية الجميلة التي كنا ننتظرها كل عام، وفضلت توفير المبلغ لمصروفات العيد مثل شراء حذاء جديد لأحد أطفالي، فنحن من الطبقة المتوسطة، فالظروف الصعبة احيانًا تجعلنا نستغني عن بعض العادات الجميلة".

تصوير: رنا محمد - بيع السعف ومشاهد من الاحتفالات بسوهاج