أثار قرار الهيئة العامة لقصور الثقافة، بتنظيم فعاليات الملتقى الثالث لأطلس المأثورات الشعبية المصرية، بمكتبة القاهرة الكبرى، غضبًا واسعًا، بين أوساط المثقفين بسوهاج، لعقد الملتقى بمنطقة الزمالك بالقاهرة بدلًا من محافظة سوهاج، رغم أن عنوان الملتقى هو "سوهاج..الهوية والاستدامة".
كانت الصفحة الرسمية للهيئة العامة لقصور الثقافة، قد أعلنت عن تنظيم الملتقى الثلاثاء الماضي، فى تمام الساعة الحادية عشر صباحًا، برئاسة اللواء خالد اللبان، ضمن برامج وزارة الثقافة، وعلى مدار ثلاثة أيام، بهدف توثيق وحماية الموروث الثقافي المصري، كما صاحبه مجموعة من الورش الفنية والحرفية تقام طوال فترة إقامته، ما اعتبره العديد من الأدباء والشعراء بمحافظة سوهاج تجاهلاً متعمداً لمثقفي المحافظة وانتهاكًا لخصوصيتها الثقافية.
وصرح نبيل الهواري، الكاتب والشاعر ورئيس نادي أدب البلينا، قائلاً: "إقامة الملتقى في القاهرة بعيدًا عن سوهاج هو تقليل وعدم احترام لمثقفي سوهاج الذين يمتلكون عددًا كبيرًا من الباحثين الجادين"، وأضاف الهواري أن سوهاج، التي تتمتع بتراث ثقافي عميق، كان يجب أن تكون هي المكان الطبيعي لإقامة هذا الحدث الثقافي، بما يعكس مكانتها في قلوب مثقفي الوطن، وأكد الهواري أن الملتقى كان من المقرر أن يُقام في مارس 2025 ولكن تم نقله إلى الزمالك في آخر لحظة، وهو ما أثار جدلًا واسعًا في الأوساط الثقافية السوهاجية.
وأوضح الهواري أن عدداً من الباحثين السوهاجيين كانوا مستعدون للمشاركة في المؤتمر، مثل الدكتور حارص عمار والأستاذ أشرف أيوب، إلا أنهم فوجئوا باستبعادهم بعد أن طالبوا بإقامة الملتقى في سوهاج.
ورغم التواصل مع عدد من المثقفين السوهاجيين، إلا أن أغلب المشاركين في الملتقى لم يكونوا من أبناء المحافظة، وهو ما اعتبره الهواري تمثيلًا غير حقيقي لواقع سوهاج الثقافي، حيث قال: "إذا كان القائمون على الملتقى جادين، لكانت سوهاج أولى بإقامته، وكان من الممكن أن يخرج بأفضل صورة ممكنة".
وتحدث عبد الحافظ بخيت، عضو اتحاد كتاب مصر، عن غياب سوهاج عن الحدث ،قائلًا: "أيًا كان جهد الباحثين من خارج سوهاج، لا يمكن أن يمثلوا صوت المحافظة بصدق، خاصة إذا كانوا بعيدين عن تفاصيل الواقع الثقافي والتراثي السوهاجي، وبالتأكيد يعد هذا استبعادًا واضحًا لمثقفي سوهاج ويعكس تهميشًا ممارسًا ضدهم".
من جهة أخرى، اعتبر الهواري أن هذا التصرف يعد جزءًا من التهميش المستمر للمثقفين في الصعيد بشكل عام، مؤكدًا أن الإقصاء المتعمد للمثقفين السوهاجيين يعكس استمرار سياسة المركزية الثقافية في مصر، التي تهمش دور أبناء الصعيد في المشهد الثقافي.
وأضاف الهواري: "لو كانت هناك نية حقيقية للاحتفاء بتراث سوهاج، لكان الملتقى قد أُقيم في سوهاج نفسها، حيث كان سيحقق تأثيرًا اقوى ويعزز من مكانة المحافظة على الساحة الثقافية".
وفي ختام حديثه، طالب الهواري الجهات الثقافية ووزارة الثقافة بضرورة إعادة النظر في استراتيجيات تنظيم الفعاليات الثقافية، وتخصيص مزيد من الاهتمام لدور مثقفي الصعيد، وتنشيط الأنشطة الثقافية في القرى والنجوع التي طالما كانت مغفلة.