اختلف التعامل هذا العام من أصحاب المحال في حركة البيع والشراء، فقد تعرضت لأحد المواقف، كنا نبحث عن سكر لمخبوزات العيد، لكن رفض أحد العطارين بيعه لي، وعندما سألت أحد أصحاب الأفران التي تبيع المخبوزات عن مكان لبيع السكر أرشدني لنفس البائع، وأوصاني أقول له أني من طرفه، وهذا لم يكن يحدث الأعوام السابقة فكل المكونات متوافرة مع بعض التخفيضات بالمحال الكبيرة.
عوّدتنا أمي على عمل مخبوزات العيد في المنزل كل عام منذ الصغر، فكانت العشر الأواخر من رمضان تتميز برائحة المخبوزات في المنزل في كل عام، لكن أصابتنا موجة الارتفاع كما أصابت الجميع، فقد ازدادت أسعار المكونات جميعها تقريبًا للضعف، من سعر الدقيق مرورًا بالبيض والألبان والسمن والسمسم، إلى اختفاء السكر. مؤخرًا ظهر من جديد لكن بسعر مرتفع.
ارتفاع الأسعار للضعف تقريبًا أثر على الكميات المخبوزة في المنزل، انخفضت الكميات للربع تقريبًا، كانت أمي تستعمل ما لا يقل عن 30 بيضة لعمل البسكوت، في الأيام الحالية استخدمت أمي 10 بيضات فقط. أتذكر عندما كنا نشتري علبة السمن الـ5 كيلو لخبز كل الأنواع التي تحتاج ذلك، فيما تبلغ علبة الـ2 كيلو نحو 200 جنيه، ومع ارتفاع أسعار الدقيق الذي كان سعره نحو 5 جنيهات، وأصبح الآن حوالي 30 جنيهًا للكيلو، مما أثر ذلك على العادة المحببة لقلوبنا.
أصبحنا نواجه أزمة أكبر بسبب بعدما انتقلنا إلى القاهرة؛ في البلد كنا نوفر مكونات المخبوزات من أقاربنا، إذ كنا نحصل على الدقيق من أحدهم، أما البيض فكنا نشتريها من أقربائنا المربيين بسعر أرخص من سعر السوق، كما كنا نحصل على اللبن من أعمامي الذين يربون الأبقار في مزارعهم.
وكنا نشتري الدقيق أحيانًا بالبطاقة التموينية، التي نستبدل رصيدها من الخبز للدقيق، ونخبز به العيش الشمسي المحبب إلينا، كلها كانت حلول فعالة وموجودة، وأحيانًا كنا نلجأ لمنافذ بيع القوات المسلحة فقد كانت أسعارها أقل من الخارج، أما الآن فقد أصبحت تبيع بنفس أسعار المحلات، كما ينفد منها المنتجات في بعض الأوقات، حيث رأيت في أحد المنافذ ورقة كُتب عليها "أصناف غير موجودة.. سكر وبيض"؛ أهم مكونات لحلويات رمضان ومخبوزات العيد.
لا أعلم هل ستستطيع أمي الحفاظ على تلك العادة بعد الآن أم لا، الأسعار في ارتفاع، فالمصاريف ثقيلة في رمضان، بالإضافة إلى مستلزمات العيد من ملابس، أتمنى الحفاظ عليها خاصة أن المنزل بدون رائحة الكعك والبسكوت لا طعم له.